شكره بجفاء وقام ماضيا نحو مسكنه. شعر بأنه يمضي إليه كارها، فتعجب من ذلك غاية العجب.
14
وجد في الحجرة غشاوة صفراء - مشبعة بحرارة الصيف - لا تستطاب فيها لقمة ولا يخفق قلب بالحب.
تبادلا النظرات في صمت مشحون بالكآبة. أعاد على مسمعها حديث الشيخ. وتبادلا النظر أيضا. كأنما تقول له «أنت السبب». إنهما تعيسان وما بينهما يتدهور كلبنات البنيان الآيل للسقوط. تنهد قائلا: الحياة لا تطاق.
فأمنت قائلة: هي كذلك.
اعتراف ينذر بالمأساة. تساءل كمن يتحسس ضرسا مريضا: هل نهجر الدرب ونعيش بلا مبالاة؟ - تقول ذلك بلسانك لا بقلبك.
فتساءل متحديا: ما عسى أن نفعل؟ - أرشدني فإنك أنت الرجل.
استشف في قولها سخرية أثارت غضبه، فقال غاضبا: ما من شقاء إلا وراءه امرأة. - فليسامحك الله، ولا تنس أنك بدأت بخداعي. - ستصبين الأخطاء فوق رأسي. - كنت القائد وكنت التابعة. - هذا هو الظاهر. اللعنة!
فهتفت محتجة: ما دمت قد أحببت فإني أستحق أكثر من ذلك. - ما أعجب أن نذكر الحب في مثل حالنا! - لك علي ألا أذكره.
وندم على ما فرط منه. ما جدوى الغضب؟ وكبح نفسه قائلا وهو يجفف عرقه: نحن نهرب في الغضب من مواجهة أنفسنا. - طيب أن تذكر نفسك بذلك.
Bilinmeyen sayfa