Şeytan Bantaur
شيطان بنتاءور: أو لبد لقمان وهدهد سليمان
Türler
قال: تلك مقدمة لم يكن لنا عنها غنى؛ والآن لك أن تطير معي إلى حيث الإسلام يحكم، والأخلاق تسود.
قلت: إن أذن مولاي بدلنا هذا الزي بغيره، لنأمن نظر الرماة، وزجر الجماعات.
قال: الناس والطير وهذه الحجارة - وأومأ إلى الآثار - في كلاءة رجل يتقي الله في السماء، ويخاف عمر في الأرض، فلو نالنا أحد في حماه بظلامة، لفزعنا بالشكوى إلى صاحب الإمامة، ولأنشدناه: «جاءت سليمان الزمان حمامة!» على أنه لا بأس بتغيير الزي؛ فأيهما تختار: آلقبطي، أم العربي؟
قلت: الثاني يا مولاي؛ لأنه لباس الفاتح، وشعار الحاكم، ينبئ عن عز الملك، ويخبر عن سناء الدولة، وقد خلفت جنود «الملك إدوارد» في مصر يتنحى السراة لأحدهم حتى يعبر كأنه في رداء «ولنتون»، أو مطرف «نابليون» وإن مست طرف ثوبه يد مسها السيف.
قال: هذا ليس شأن عمرو وأصحابه في مصر؛ فهم المؤمنون؛ العزة لهم ولمن في ظلهم بالسواء، وقد كان الرومان قبلهم كمن ذكرت من الإدلال على هذه الأمة، والمرح في هذه الأرض، على ما بينهم وبين القبط من مودة في الدين ورحمة، فكان الصليب يعلو على الصليب، والناقوس يخرس الناقوس، والكنيسة تزري بالكنيسة؛ وكان مذهب الرومان في عبارة المسيح هو الدين كله، وما سواه فضرب من الهذيان يسخر من أهله ويعتدى على أصحابه؛ وكان الأمير في القبط يحكم فيه سوقة من الرومان، وكانت الحكومة الكبرى في روما عمياء عن هذا الظلم المبين، صماء عن تظلم المصريين، إلى أن قدم العرب مصر، وتم لهم على الرومان النصر، واطمأن عمرو بالولاية، وسكن أولئك البؤساء إلى حكومته السمحاء، ودخلوا في الإسلام أفواجا، يحببه إليهم تسمح العرب، وتحلم زعيمهم، واجتماعهم على كلمة الإسلام، وتساويهم فيما جاء به من الأحكام، وكونه بينهم كالحقيقة لا تقبل الانقسام، ولا يجادل فيها الخاص فكيف العام! وأن سيرة العامل وأصحابه فيهم هي أقرب مما أراد المسيح عليه السلام من الناس: أن يتساوسوا، ويتصافحوا، ويتعاونوا، وأن يكونوا رحماء بينهم؛ وأبعد عما أراد القسوس بالناس منذ القدم، من شغب التمذهب، وفتنة الانقسام والتفرق إزاء الحقيقة الباهرة. العرب في مصر بضعة آلاف، وفيهم المقاتلة؛ فكيف فتحوا، ثم كيف أصلحوا، ثم كيف وطدوا فيها بنيانهم، وعلموا أهلها لسانهم، ثم كيف استأصلوا الوثنية من هذا الوادي، وزحزحوا منه النصرانية، وأرسوا فيه الحنيفية؟ كل ذلك في أيامهم الأول، بل في حكومة ابن العاص. إذا أضفت إلى ذلك أن الدعوة إلى الإسلام لا تقوم على الحول والحيلة، علمت أن العرب تعلموا حقيقته ثم علموها الناس؛ فكانوا حيثما استعمروا من الأرض كالمصباح النقي، يحمل النور البهي.
وإذا الديانة لم يصنها أهلها
خيفت خفاء النور بعد ظهور
أخفاه مصباح حواه فاسد
فالذنب للمصباح لا للنور
قلت: أرى الحديث فتح بعضه بعضا يا مولاي، فماذا اخترت لنا من الزي؟
Bilinmeyen sayfa