صلى الله عليه وسلم
لهذه الدنيا؛ فأظهروا الردة قبل وفاته، لا لأنهم ضاقوا بالزكاة، أو آثروا المال على الدين، بل لأنهم نفسوا على قريش أن تكون فيها النبوة، وأن يهيأ لها ما هيئ من هذا السلطان بما له من قوة وبأس، وبما فيه من سعة وإسماح، فظهر بينهم بدع جديد وهو التنبؤ.
فما ينبغي أن تستأثر قريش من دونهم بالنبوة، وما ينبغي أن تختص وحدها بهذا السلطان تبسطه على الأرض.
وما أسرع ما ظهر التنبؤ في ربيعة - وفي بني حنيفة منهم خاصة - فأعلن مسيلمة نبوته في اليمامة، وجعل يهذي بكلام زعم أنه كان يوحى إليه، وجعل يقول: لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشا قوم يظلمون.
وظهر التنبؤ في اليمن، فثار الأسود العنسي وأعلن نبوته، وركبه شيطان السجع كما ركب مسيلمة.
ولم يكد النبي
صلى الله عليه وسلم
ينتقل إلى الرفيق الأعلى حتى ظهر تنبؤ آخر في بني أسد؛ فأعلن طليحة أنه نبي، وجعل يهذي لقومه كما هذى صاحباه بالسجع، ويزعم أنه يتنزل عليه من السماء.
ثم لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تنبأت امرأة في بني تميم - وهي سجاح - كانت نازلة في بني تغلب، فلما استأثر بها شيطان السجع أسرعت إلى قومها من تميم فأغوت منهم خلقا كثيرا.
وكذلك نفست قحطان على عدنان أن يكون لها نبي من دونها، فظهر فيها الأسود العنسي، ونفست ربيعة العدنانية على مضر أن تستأثر من دونها بالنبوة، ونفست أسد وتميم المضريتان أن تستأثر قريش بالنبوة من دون سائر مضر؛ فظهر طليحة في بني أسد، وظهرت سجاح في بني تميم.
Bilinmeyen sayfa