Şeyh Abdülkadir Mağribi Üzerine Dersler
محاضرات عن الشيخ عبد القادر المغربي
Türler
ومن مقالاته السياسية الهامة مقالته عن بلاد جاوه وما إليها، فقد فند فيها مزاعم الاستعماريين الهولنديين، وحرض سكان تلك البلاد على الثورة على الظلم، والقيام في وجه المستعمر، الذي استطاع بتنظيم شئونه أن يقهر شعبا عظيما عديدا ذا إمكانيات وثروات هائلة كالشعب الأندنوسي.
هذا طرف من المقالات السياسية الهامة التي نجدها للشيخ في هذه الفترة .
أما مقالاته الإصلاحية فتتجلى في مقاله عن «المولد النبوي الشريف والاحتفال به»، ومقاله عن «الدين وأطفال المصريين»، وقد ناقش فيه الأستاذ إدريس بك راغب الذي استحسن أن لا يعلم الدين في المدارس المصرية؛ ليكون المصريون علمانيين، ويسود التفاهم بينهم وبين إخوانهم الأقباط، وقد عالج الشيخ هذه القضية معالجة حكيمة أثبت فيها أن الدين الإسلامي بتسامحه وسمو مبادئه لا يحول دون الألفة؛ بل هو على العكس مدعاة لتطهير قلوب العامة والصغار من أدران التعصب البغيض.
ومن مقالاته الإصلاحية مقالته في «وصف حفلة مشهودة» نقد فيها جماعة من الصوفية ومشايخ الطرق الذين كانوا يقيمون حلقات الذكر، ويدعون الأجانب للتفرج عليهم. وقد رد عليه شيخ مشايخ الصوفية آنئذ وهو السيد البكري، ولكن الرأي العام أيد وجهة نظر المغربي الإصلاحية.
ومن مقالاته الإصلاحية الطريفة التي تبين شدة حرصه على الدفاع عن الإسلام الصحيح مقالته التي تخيل فيها حديثا جرى بين نزيلين في مصر أحدهما مسلم يدعى محمودا، وثانيهما مبشر يزعم أن المصريين لا يصلحون للاستقلال، وقد ألقم محمود المبشر حجرا وأبان له أن التبشير ومن ورائه الاستعمار فاشلان في محاولاتهما الظالمة الرامية إلى الطعن في كفايات المصريين وغيرهم من الشعوب العربية والمسلمة.
وفي طليعة مقالاته الإصلاحية التي كان لها دوي هائل سلسلة مقالاته التي جعل عنوانها «حمامة الأزهر»، ومقالته «فتاة إنكليزية تصف الأزهر»، ومقالته «فتاة إنكليزية تصف المحمل» فقد ضمن هذه السلسلة أفكارا جريئة في انتقاد الأزهر وشيوخه وطريقتهم القديمة العقيمة.
ولم يقتصر المغربي في مقالاته هذه على مباحث السياسة والاجتماع؛ بل كانت له جولات في ميدان الأدب، ظهرت في نقده لعشرات من الكتب الأدبية واللغوية التي طبعت في ذلك الوقت، كما تجلت في سلسلة أدبية طويلة كتبها بعنوان «أمالي أدب في لغة العرب»، وقد ضمنها كثيرا من مقروءاته المنتقاة، وملاحظاته الأدبية.
هذه جولة مع شيخنا حول أعمدة «المؤيد» في مقالاته التي كتبها عام 1907، وقد استمر على طريقته هذه طوال عام 1908 حتى إذا ما أعلن الدستور العثماني وخلع السلطان عبد الحميد رجع إلى الشام ، وابتدأ عهدا جديدا من حياته.
تعشق المغربي الصحافة، واتخذها سلوة ومتعة، وحرفة فانصقل أسلوبه، وأشرقت ديباجته، وذاع صيته في مصر وسائر أنحاء العالمين الإسلامي والعربي. ولما رجع إلى الشام في عام 1909 استمر يراسل الصحف المصرية الكبيرة كالمؤيد، واللواء التي كان يصدرها الزعيم مصطفى كامل والشيخ عبد العزيز جاويش، وجريدة العلم، والمقطم، وغيرها من كبريات الصحف المصرية، كما شرع يكتب الفصول الإصلاحية في جرائد سورية كجريدة الاتحاد العثماني البيروتية، وجريدة طرابلس الشامية، وجريدة القبس الدمشقية، وجريدة المفيد البيروتية. ثم رأى أن يشمر عن ساعديه، ويحترف مهنة الصحافة، فأصدر في طرابلس الشام «جريدة البرهان» في غرة محرم 1330ه (22 كانون الأول/ديسمبر 1911م)، وقد ترجم في افتتاحية العدد الأول نفسه وما لاقاه من الويلات والمآسي في سبيل حرية فكره، وتعشقه لخدمة القضايا العامة، واستسهاله كل صعب في سبيل الإصلاح، ورفع مستوى أمته قال: «إذا مرت ببالي ذكرى أيام طفولتي، مر بجانبها ذكرى كراسة صغيرة جمع لي والدي فيها أبياتا شعرية تتضمن ضوابط نحوية وفقهية، ومسائل شتى في مختلف العلوم اللغوية والدينية، ثم انتقلت من حجر الأسرة إلى حجر المدرسة، وكان مديرها أستاذا من أكبر أساتذة العلم والدين في بلادنا السورية، وفي هذه المدرسة تنبهت إلى أنه ليس كل ما عزي إلى الدين كان صحيحا؛ بل إن هناك مسائل مدسوسة.
كانت هذه المدرسة ابتدائية، فلم يكن يدرس فيها شيء من العلوم العصرية العالية، وأذكر أنني رأيت مرة أحد معلمي المدرسة واقفا في ساحتها وحوله فئة من التلامذة، وبيده مجلة المقتطف، فسمعته يشرح لهم الغرض من إنشاء هذه المجلة، ففهمت إذ ذاك أنه يوجد في الدنيا علوم أخرى وراء علوم الدين، وأنها تؤثر في ارتقاء البشر، ثم سافرت من بلدي إلى مدرسة أخرى أرقى من الأولى، وقد اتفق لي في هذه المدرسة أيضا أنني رأيت الأستاذ ناظرها أمسك بيده عددا من جريدة العروة الوثقى، وأخذ يخطب في تلامذته، ويذكر لهم شيئا من سيرة مؤسسي الجريدة ومبلغهما من العلم، والغرض الذي أنشآ هذه الجريدة من أجله، ثم استطرد إلى وصف حالة العالم الإسلامي وما وصل إليه المسلمون من الجهل والوهن والتفرق؛ من حيث أدى هذا جميعه إلى طمع دول أوروبا بهم، ففطنت منذ سمعت هذا القول إلى ما لم أكن فطنت له من قبل وقلت في نفسي: إنه يجب على المسلمين إذن السعي في حفظ استقلالهم السياسي وإلا استعبدتهم الأمم، وجعلت من يومئذ أهتم بالمسائل السياسية وأتصفح ما ينشر من الكتب والرسائل فيها، ومن ثم تولد في نفسي الميل لخدمة أمتي من طريق فن الصحافة، هذا هو السر الذي دفع بالمغربي في عالم الصحافة، فإنه رأى أنها الوسيلة الوحيدة للإصلاح، فأخذ يحاول الكتابة، ثم أخذ يكتب وينشر، ثم عزم على امتهان هذه الحرفة، وقد بين لنا سرا آخر دفعه إلى احتراف هذه الصناعة فقال: لما جاء دور العمل وأردت ممارسة الأشغال الدنيوية، كان سعيي بالطبع موجها نحو العمل الذي يلائم الوسط الذي أعيش فيه، فيممت دار السعادة بقصد الدخول في مكتب النواب، ثم حال بيني وبين المضي في الأمر حائل اضطرني للرجوع إلى وطني فأبت إليه، ولزمت أستاذي الأول وأخذت في دراسة العلوم، ثم عينت موظفا في المحكمة الشرعية. هذا هو الظاهر من حالتي، ولكن هناك باطن يجول فيه سر خفي، وتكمن تحت رماده شرارة لا تنطفي، وليست هذه الشرارة سوى حركة النفس في تدبر أحوالنا الاجتماعية والاهتمام بشئوننا السياسية، وترديد الشكوى من موقفنا المنحط عن مواقف بقية الأمم، وقد أتاح الله لي صديقا حميما (هو السيد محمد رشيد رضا)، نفسه في الميل نفسي وهمه في الحياة همي، فكانت صداقته عاملا قويا في تكوين ميلي الصحافي ونزوعي نحو الاشتغال في الشئون العامة، وهو اليوم من أكبر رجال الصحافة وأشهر دعاة الإصلاح، ولم يكن منزعي وفكري ورأيي الاجتماعي ليخفى على من حولي من أهلي وأناسي، فكانوا ينذرونني بيوم شديد من أيام السلطان عبد الحميد، ولم أنس متصرف طرابلس وقد هالته رزم الأوراق وأضابير الرسائل التي ألقيت بين يديه، فجعل ينقر فيها ويشكو التعب من قراءتها، ثم حانت منه التفاتة ، فرأى دفترا صغيرا لخصت فيه نتفا من شئون ممالك أوروبا، فجعل يقلب يديه ويزوي حاجبيه ويقول: موظف في المحكمة الشرعية ما شأنه وشأن إيطاليا وفرنسا وروسيا. هبني نسيت هذا كله، فهل تراني أنسى والي بيروت، وقد تناول من مجموعة كتبي مجموعة أعداد العروة الوثقى، فطفق يقلب صفحاتها، وينظر في تاريخ كتابتها، ثم هز رأسه وجمجم كأنه يقول: شاب في البضع عشرة سنة من سني حياته يكتب بقلمه جميع أعداد العروة الوثقى حتى التلغرافيات والوفيات، ويعلق عليها هوامش تفسر كلماتها ... إلى السجن إلى السجن ...»
Bilinmeyen sayfa