Şeyh Abdülkadir Mağribi Üzerine Dersler
محاضرات عن الشيخ عبد القادر المغربي
Türler
وكان للمغربي شعر هو أقرب إلى شعر العلماء، كان قاله في أول نشأته الأدبية، ثم لما خاض غمار الكتابة والتأليف أعرض عن النظم إعراضا تاما، على أن له بعض المقطعات التي نظمها في بعض المناسبات، وهي متينة التركيب ولطيفة المعنى.
13
وكان المغربي إذا ما قرأ كتابا قديما أو حديثا علق عليه هوامش وتعليقات وشروحا لو جردت وطبعت لبلغت كتابا يفوق الأصل، وقد رأيت في خزانة كتبه الكثير من ذلك، كما رأيت طائفة كبيرة من الكراريس كان لخص فيها في حداثته بعض العلوم الدينية واللغوية والكونية، وشرحا على دواوين البحتري والمتنبي وأبي تمام. وخزانة كتبه تعتبر من الخزائن المشهورة في سورية لما حوته من الكتب المخطوطة في علوم الدين واللغة، حتى إن بعضها يعد من الكتب النادرة، هذا فضلا عن الكتب المطبوعة في مختلف الفنون، وقد كتب الأستاذ المرحوم عبد الله مخلص مقالة طويلة عن نفائس ذخائرها في مجلة المجمع العلمي العربي.
هذه خلاصة أولية عن الرجل وسيرته وحياته العلمية. أما أخلاقه وطبائعه ومزاياه فنوجز الكلام فيها بقولنا: كان حر الفكر صريحا متشددا في رأيه، لا يحيد عنه متى اقتنع أنه صواب، صابرا على هجمات خصومه في سياساته وآرائه الدينية لا يبالي بهم، وكان النصر بجانبه في أكثر الأحيان، وكان بعيدا عن الدنيا وحطامها، لم يسع قط إلى منصب أو فائدة مادية مهما عظمت، وكان كثير الاهتمام بشئون العالم الإسلامي وجمع شتات المسلمين والسعي لرفع مستواهم ومجاراة الأمم الأخرى، والتدليل على أن الدين وأصوله تحض على كل ما فيه الخير للبشر، ويظهر هذا بصورة جلية في مقالاته المنشورة في «المؤيد» وفي كتاب البينات ومحاضراته العديدة، وإن رسوخه وطول باعه في علوم اللغة العربية وأسرارها. ولا سيما تمكنه من علم الصرف، كان يساعده كثيرا على التعمق في فهم النصوص الدينية وأقوال شعراء العرب والألفاظ التي نقلت عنهم واشتقاقاتها وإدراك المراد منها، ويظهر هذا في تفسيره لجزء تبارك، وفي كتابه الاشتقاق والتعريب، ولا ننسى جولاته الواسعة في شرح الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة ودفاعه عنها في مناسبات عديدة، كما أنه كان رحمه الله واقفا بالمرصاد لكل متهجم على الدين الإسلامي أو على اللغة العربية، فكان يقارعهم بقلمه ويدفع الحجة بالحجة، بأسلوب رفيع في المتانة وقوة الدليل، وكان أسلوبه بعيدا عن الإسفاف، ولم ينقل عنه أنه استعمل في ردوده ألفاظا نابية أو عبارات شائنة، كما كان يتصف بصفة قلما جاراه فيها أحد من العلماء في عصره، وهي الصبر على العلم والبحث والتأليف ساعات معتزلا في غرفة عمله، مكبا على كتبه وقراطيسه بلا كلل ولا ملل، وقد نقل عنه أنه في حداثته كان يقبع في غرفته أياما خاليا بنفسه، لا تفتح غرفته لأحد إلا للخادم التي تناوله طعامه.
ومما تجدر الإشارة إليه هو سعيه المتواصل إلى توسيع أفقه العلمي والثقافي منذ فجر حياته، فقد أولع منذ حداثته بدراسة اللغة الإفرنسية وحفظ الشيء الكثير من أشعارها، غير أنه كان يصعب عليه الكلام بها؛ لأنه تلقاها عن الكتب والمعاجم وعن أساتذة سوريين، ولم يتعلمها على أبنائها، وقد كان مع ذلك يحسن الترجمة عنها مستعينا بالمعجم، وقد ترجم أثناء إقامته في مصر رواية «غادة الكاميليا» لإسكندر دوماس، ومثلها الشيخ سلامة حجازي في عام 1908م.
وكان للمغربي في محاضراته العامة ودروسه التي يلقيها على طلابه في الجامعة السورية أسلوب هو الغاية في الطلاوة، كما كان له صوت حسن الجرس جهوري المقاطع، ينحدر كأنه السيل بلا تلعثم ولا توقف، كل ذلك ببيان مشرق، وأسلوب أخاذ بحيث لا يمل سامعه مهما أطال. وكانت له قدرة بارعة على شرح عويصات المسائل العلمية، وأسرار العربية وتقريبها من الأفهام بالشواهد وضرب الأمثال.
هذه صفحة عن نشأة عبد القادر المغربي وسيرته، وهي - كما ترون - صفحة مشرقة تصور حياة شخصية عاملة عالمة قام صاحبها بقسط ليس باليسير في خدمة دينه ولغته وبلاده وقوميته العربية.
هوامش
المغربي الصحفي والمصلح
رأيتم أن المغربي كان مؤمنا بأن الصحافة هي الوسيلة الوحيدة للإصلاح وإنقاذ الأمة الإسلامية من ربقة الجهل والفوضى والتقهقر، وأن أشياخه في الشام ومصر كانوا يتخذونها أداة لإبلاغ آرائهم، ونشر أفكارهم ودعوة الناس إلى مذاهب الخير التي يرتئونها.
Bilinmeyen sayfa