وما تنقص الأيام والدهر ينفد
وكما روي أن الحجاج أنشأ أو تمثل بهذا البيت حين بلغ الخمسين:
وإن امرأ قد سار خمسين حجة
إلى منهل، من ورده لقريب
وكم قال الشعراء في مضي الزمان، وسرعة الدوران؛ دوران الفلك والأعوام.
ذلك لمن وعى الزمان كنهر جار، أو قطار مسرع، يسيران إلى غاية قريبة أو بعيدة، والناس سائرون بسيرهما منتهون إلى غايتهما؛ ولكن من استطاع ثباتا في التيار وانحيازا إلى الشاطئ، واستقل بفكره وعمله، ولم يعد نفسه عودا في نهر يجري به غير مختار، فهذا الإنسان هو الزمان. وحساب الزمان بفكره وعمله هو لا يعد ساعات وأياما ولكن أفكارا وأعمالا، وهو لا يحسب سنين متوالية، ولكن آراء وأفعالا تؤرخ بها العصور ولا تحد هي بالعصور؛ إذ كانت أعماله قوانين يتبعها، وسننا يسير عليها، لا نزعات وقت وأهواء ساعة.
إن من ساير التيار واستسلم للزمن فإنما ينسج على نفسه شبكة الليل والنهار، فهو منها في إسار، ومن اعتد بنفسه واستقل بقوله وفعله، فهو شبكة الأيام وقيودها ومسافاتها وحدودها.
الإثنين 11 محرم/23 أكتوبر
الناس في الشدائد
الناس معادن، وإنما تفتنهم الشدائد. هم في الرخاء أشباه، وفي السعة أنداد، فإذا حزب الأمر وضاق، وأخذت الكربات بالخناق، تبين الصادق والكاذب، والكريم واللئيم:
Bilinmeyen sayfa