وهكذا قل في فن التصوير الهندي، الذي لا يحاول تصوير الأشياء، بل يستهدف تصوير العواطف، ولا يحاول مطابقة الأصل بل يكتفي بالإيماء إليه، فغايته ليست هي أن يحاكي هذا الواقع الجزئي الماثل أمام بصر الفنان، بل غايته هي أن يثير في نفس الرائي وجدانه الديني وعاطفته الجمالية؛ لكي تنزاح عنه السدود الحوائل بينه وبين الحقيقة الكونية العليا، فليس المهم عند المصور الهندي أن يكرر الطبيعة المرئية نفسها على لوحته، بل المهم هو أن يقتنص من تلك الطبيعة الزائلة العابرة روحها الدفينة، ليبرزها في رسومه.
ولئن كان شاعر القوم هو لسانهم المعبر، فهذا هو شاعرهم «أكبر» يقول:
هنالك يا أخي عالم لا تحده الحدود،
وهنالك «كائن» لا اسم له، ولا يوصف بوصف،
ولا يعلم عنه شيئا إلا من استطاع أن يصل إلى سمائه،
وإنه لعلم مختلف عن كل ما يسمع وما يقال،
هنالك لا ترى صورة، ولا جسدا، ولا طولا، ولا عرضا،
فكيف لي أن أنبئك من هو؟
إنه ليستحيل أن نعبر عنه بألفاظ الشفاه،
ويستحيل أن يكتب وصفه على ورق.
Bilinmeyen sayfa