القول السادس: يحرم استقبال القبلة ببول، أو غائط، وكذلك بيت المقدس؛ وهو قول الحسن البصري ﵏.
وهذه هي أقوال العلماء -رحمة الله عليهم- في هذه المسألة وقد بيّنتها، وذكرت أدلتها، ووجه دلالتها في شرح بلوغ المرام، والذي يترجح في نظري، والعلم عند الله هو القول بالتحريم مطلقًا لما يلى:
أولًا: لصحة دلالة السنة في حديث أبي أيوب الأنصاري ﵁ أن النبي ﷺ قال: [لا تَسْتَقبلُوا القِبْلةَ، ولا تَسْتَدبروها ببولٍ، ولا غائطٍ، ولكنْ شَرِّقوا، أو غَرِّبوا] متفق عليه، ومثله حديث سلمان الفارسي ﵁ فهذا نهي عام شامل للإستقبال، والإستدبار في الصحراء، والبنيان، والأصل في النهي أنه محمول على التحريم حتى يدلّ الدليل على صرفه إلى الكراهة.
ثانيًا: أنه دليل حظر، وما إستدل به من خالفه فدليله للإباحة، والقاعدة: (أنه إذا تعارضَ الحاظِرُ، والمُبيحُ قَدّمنا الحاظرَ عَلى المُبِيح).
ثالثًا: أنّ حديث إبن عمر ﵄ في رؤيته للنبي ﷺ [يَقْضِي حَاجَتَهُ على لَبِنَتيْنِ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الكَعْبَةِ] لا يقوى على معارضة حديثنا من الوجوه التالية:
الوجه الأول: أنّ حديثنا قول إشتمل على خطاب، وتشريع للأمة، وحديث ابن عمر ﵄ فعل من النبي ﷺ، والقاعدة: (أنه إِذا تعَارضَ القَوْلُ، والفِعْلُ، قَدّمْنا القَوْلَ على الفِعْلِ) لأن