142

Sharh Usool I'tiqad Ahl al-Sunnah by Muhammad Hassan Abdul Ghaffar

شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - محمد حسن عبد الغفار

Türler

القلوب مقاييس الناس عند الله ﷿
مقاييس الناس عند رب الناس القلوب، ومقاييس الناس عند أراذل الناس وأغرارهم وسفهائهم الوجاهة والسلطان والمال.
(جلس النبي ﷺ وسط أصحابه فمر عليهم رجل مليء غني وسيم قسيم، فقال النبي ﷺ: ماذا ترون هذا فيكم؟ -هذا المليء الغني ذو السلطان والوجاهة- فقالوا رضوان الله عليهم: هذا حري به إذا تكلم أن يسمع) وأربأ بصحابة رسول الله ﷺ أن يقيسوا الناس بهذا المقياس، لكن تقدير الكلام: أن الصحابة الكرام يقولون لرسول الله ﷺ: هذا عند الناس حري به إذا تكلم أن يسمع، وإذا نكح أن ينكح، وإذا شفع أن يشفع.
ثم مر بعد ذلك رجل رث الثياب، بشع الهيئة، ضعيف، نحيف، حقير فقال رسول الله ﷺ: (ماذا ترون هذا فيكم؟ قالوا: يا رسول الله! هذا حري به إذا تكلم أن لا يسمع، وإذا نكح أن لا ينكح، وإذا شفع أن لا يشفع)، فقال لهم النبي ﷺ مصححًا لهم ليصححوا للأمة أن مقياس الناس وموازين الناس ومعايير الناس عند رب الناس غير مقاييس الناس عند الناس، قال عن هذا الرجل الذي هو رث الثياب، بشع الهيئة النحيف الضعيف الفقير: (هذا عند الله بملئ الأرض من هذا).
فمقياس الناس عند الناس المال، ويقولون: معك درهم تساوي درهمًا، إن كان معك مال تكلم فيسمع لك، إن نكحت ينكح لك، يعني تقبل إن نكحت، وإن تقدمت تقبل، وإن شفعت تشفع، ويؤخذ بكلامك؛ لأنك من ذوي الوجاهات، ومن ذوي الرياسات، ومن ذوي الأموال.
أما مقياس الناس عند رب الناس: فهو طهارة القلوب، نقاء القلوب، فهذه التي عزت بحق في هذه الأمة، وفي هذه الآونة خصوصًا، فقلب واحد مخلص لنصرة الدين أقسم بالله غير حانث وأقسم على قسمي قسمًا آخر لقلب واحد صادق مخلص لنصرة الدين، مخلص لوجه الله جل وعلا، والله الذي لا إله إلا هو يجعل الله النصر على يديه، قال الله تعالى: ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ﴾ [الإسراء:٢٥] بما في قلوبكم.
﴿إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الإسراء:٢٥].
وأمر النبي ﷺ أن يمحص الناس بالقلوب، وأمره أن يتكلم مع الأسرى الذين في أيديهم فقال: ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ﴾ [الأنفال:٧٠].
فليست المقاييس بالأعمال ولا بالمظاهر.

13 / 3