فليس إلا للذات التي يُفزعُ إليها في كلِّ شيء، ولا مشربَ فيه للتخلُّقِ) اه بالمعنى موضحا (١).
ثم لما حصل بالبسملة العملُ بحديثها المشهور، وكذا بحديث الذكر والحمد إلا على رواية " بالحمدُ للهِ " (٢) على الحكاية، حيث أبقيتْ على ظاهرها .. قال للعمل بذلك قبل الشروع في مقصوده أيضًا:
ـ[الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَى الْعُلَمَاءِ بِمَعْرِفَةِ طَرِيقِ الْعِرْفَانِ، وَوَسَّعَ دَوائِرَ أَفْهَامِهِمْ فَغَاصُوا بِحَارًا، فَاسْتَخْرَجُوا نَفَائِسَ اللُّولُؤِ وَالْمَرْجَانِ.]ـ
(الحمدُ للهِ) جملة المقصودُ منها: الإقرارُ بثبوت الثناء لله تعالى، وهذا ألْيَقُ بالأدب من أنْ يقصدَ إنشاء الثناء، كيف وسيدُ البشر يقول: «لا أُحْصِي ثناءً عليك» (٣).
واعلمْ: أنَّ الكلامَ في البسملة والحمدلة شهير، وقد أُفرد بالتأليف (٤)، ويُخشى الملل، فالإسراع للمقصود أجل.
(الذي مَنَّ) أي: تفضَّلَ، ويُحتملُ أنه من المَنِّ بمعنى الافتخار
_________
(١) انظر " لطائف المنن " (ص ٢١٢)، " تفسير الفاتحة الكبير " (ص ١٨١).
(٢) أبو داوود (٤٨٤٠)، ابن ماجه (١٨٩٤)، وانظر " الأقاويل المفصلة " (٨٦).
(٣) مسلم (٤٨٦).
(٤) ومن جملة من أفرد التأليف فيها الشارح نفسه كما سيذكر ذلك (ص ١٠٢)، وكذا للفخر الرازي رحمه الله تعالى مؤلَّف في ذلك هو " أحكام البسملة ".
1 / 77