116

Şerh-i Sunne

شرح السنة

Araştırmacı

شعيب الأرنؤوط-محمد زهير الشاويش

Yayıncı

المكتب الإسلامي - دمشق

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م

Yayın Yeri

بيروت

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ فِي قَوْلِهِ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ»، اعْتِرَافٌ بِالشَّكِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَلا عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَلَكِنْ فِيهِ نَفْيُ الشَّكِّ عَنْهُمَا، يَقُولُ: إِذَا لَمْ أَشُكَّ أَنَا، وَلَمْ أَرْتَبْ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ ﷿ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، فَإِبْرَاهِيمُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَشُكَّ وَلا يَرْتَابَ، وَقَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَاضُعِ، وَالْهَضْمِ مِنَ النَّفْسِ، وَفِيهِ الإِعْلامُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قِبَلِ إِبْرَاهِيمَ لَمْ تُعْرَضْ مِنْ جِهَةِ شَكٍّ، لَكِنْ مِنْ قِبَلِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ الْعِيَانَ يُفِيدُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ مَا لَا يُفِيدُ الاسْتِدْلالُ. وَقَوْلُهُ: لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي، أَيْ: بِيَقِينِ النَّظَرِ. وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: ﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [الْبَقَرَة: ٢٦٠] أَيْ: بِالْخُلَّةِ، يَقُولُ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ اتَّخَذْتَنِي خَلِيلا. وَمِثْلُهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. وَيُحْكَى عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [الْبَقَرَة: ٢٦٠] أَيْ: لِيَرَى مَنْ أَدْعُوهُ إِلَيْكَ مَنْزِلَتِي وَمَكَانِي مِنْكَ، فَيُجِيبُونِي إِلَى طَاعَتِكَ. وَقِيلَ: لَمَّا نَزَلَتِ الآيَةُ، قَالَ قَوْمٌ: شَكَّ إِبْرَاهِيمُ وَلَمْ يَشُكَّ نَبِيُّنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذَا الْقَوْلَ تَوَاضُعًا مِنْهُ، وَتَقْدِيرًا لإِبْرَاهِيمَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي يُوسُفَ: «لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» وَصَفَ يُوسُفَ بِالأَنَاةِ، وَالصَّبْرِ، حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ إِلَى الْخُرُوجِ حِينَ جَاءَهُ رَسُولُ الْمَلِكِ فِعْلَ الْمُذْنِبِ يُعْفَى عَنْهُ مَعَ طُولِ لُبْثِهِ فِي السِّجْنِ، بَلْ قَالَ: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ [يُوسُف: ٥٠] أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ فِي حَبْسِهِمْ إِيَّاهُ ظُلْمًا، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى سَبِيلِ التَّوَاضُعِ، لَا أَنَّهُ كَانَ فِي الأَمْرِ مِنْهُ مُبَادَرَةٌ وَعَجَلَةٌ لَوْ كَانَ مَكَانَ يُوسُفَ، وَالتَّوَاضُعُ لَا يُصَغِّرُ كَبِيرًا، وَلا يَضَعُ رَفِيعًا، وَلا يُبْطِلُ

1 / 116