Sharh Sunan Abi Dawood by Al-'Abbad
شرح سنن أبي داود للعباد
Türler
مذهب أبي داود في الحديث الغريب
قال: [والفخر بها أنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم].
يعني: أن الإنسان يفتخر بهذا، ويطمئن إلى سلامتها وإلى تعدد طرقها ومصادرها وكونها مشهورة.
أما قوله: (فإنه لا يحتج بالغريب ولو كان من طريق مالك أو يحيى بن سعيد) فلا أدري ما يقصده بقوله بهذا، وهل يرى أن التفرد لا يعتبر ولو كان رجاله ثقات، أو أنه إذا كان من طريقهم ولكن روى عنهم من لا يحتمل تفرده؟ فإذا كان الأمر كذلك فوجود بعض الثقات في الإسناد لا ينفع إذا وجد فيه شخص ضعيف ولم تأت طرق أخرى تقويه وتؤيده، أما إذا كانوا كلهم ثقات وليس فيهم من لا يحتمل تفرده، فإن حديثهم معتبر ومعول عليه، والصحيحان قد اشتملا على ذلك، والعلماء اعتبروا تلك الأحاديث التي جاءت من مثل هذه الطرق صحيحة وثابتة.
قال: [ولو احتج رجل بحديث غريب ودس من يطعن فيه].
أي: بكونه ما جاء إلا من طريق واحد، وليس معروفًا عند الناس كلهم، يعني: أن هناك مجالًا للطعن؛ لكن ليس كل حديث غريب يكون فيه مجال كما أسلفت.
قال ﵀: [ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريبًا شاذًا].
هنا إضافة الشذوذ إلى الغرابة، لكن الشذوذ إذا كان سببه الغرابة فلا إشكال في الحديث؛ لأن مخالفة الثقة للثقات إنما ترد بها رواية الثقة حيث لا يمكن الجمع بين رواية الثقات ولا معرفة الناسخ والمنسوخ.
فإذا كانت القضية ليس فيها إلا الترجيح؛ فإن الحديث يكون شاذًا ولو كان إسناده صحيحًا، ولا يعول على ذلك الشاذ بل يعول على المحفوظ الذي هو في مقابلة الشاذ.
قال: [فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أن يرده عليك أحد].
الحديث المشهور التي تعددت مخارجه، وهو متصل لا انقطاع فيه، ليس يقدر أحد على أن يرده.
ولعل هذا يوضح أن مراد أبي داود فيما تقدم من ذكر يحيى بن سعيد ومالك وروايتهم الحديث الغريب: أنه إذا كان في الإسناد من يقدح فيه من أجله، أما حيث يوجد الإسناد المتصل المشهور الذي تعددت مصادره ومخارجه فليس يقدر أحد أن يرده.
3 / 6