بدل أو حال. وفي البعض الحواشي ضبط بالرفع على انه خبر مبتدأ محذوف أي هو أنفسهم من نفس بالضم صار مرغوبا فيه لشرفه (عربا وعجما) بضم فسكون فيهما وهو لغة في فتحتيهما والمراد بالعرب هنا أعم من سكان القرية والبادية كما أن المراد بالعجم ضد العرب الشامل لأهل الفارس والترك والهند وغيرهم ونصبهما على التمييز. وقال الدلجي: حالان لازمان من ضمير أنفسهم وردا بيانا لنوعي المنفوسين، وأما قول بعضهم في حاشيته وأنفسهم بفتح الفاء أي أعلاهم وخيارهم وهو من النفاسة ولا يجوز ضمها لأن الضمير عائد إلى الأولياء فخطأ ولعله مبني على أن لفظ أنفسهم لم يكن مكررا عنده وإلا فإن أراد عدم جواز الضم في أنفسهم الثاني فلا كلام فيه إلا أن تعليله لا يصح وان أراد مطلقا فغلط محض (وأزكاهم) أي أطهرهم وانما هم (محتدا) بفتح الميم وكسر الفوقية أي أصلا وطبعا (ومنمى) بفتح الميمين مصدر ميمي أي نموا وزيادة وارتقاء، وقد ذكر الحلبي وغيره أنه إذا كان الفعل معتل اللام مثل رمى فقياس المصدر منه مفعل مثل نمى منمى ورمى مرمى وسرى مسرى انتهى. وفيه أن مصدر الثلاثي المجرد مطلقا يجيء على مفعل بفتح العين قياسا مطردا كمقتل ومضرب ومشرب كما في الشافية فلا وجه لقيده بالمعتل نعم هذا القيد يعتبر في أسمى الزمان والمكان منه والله أعلم. واختار الدلجي أنهما اسما مكان فمحتد من حتد إذا أقام والمراد بهما مكة المشرفة فإن للأمكنة دخلا ما في شرف الأخلاق وطهارتها وحسن الافعال ونجابتها (وأرجحهم) بالنصب عطفا على أنفسهم الثاني أي أرزنهم (عقلا) أي تعقلا (وحلما) أي تحلما (وأوفرهم) أي أتمهم (علما وفهما) وفي نسخة بالعكس رعاية لحلما والفهم هو العلم وسرعة ادراك الشيء فالحمل على المعنى الثاني أولى واختلف في حقيقة العقل والأقرب قول القاضي أبي بكر العقل علم ضروري بوجوب الواجبات وجواز الجائزات واستحالة المستحيلات ولعله اراد به تعريف العقل الكامل والله تعالى أعلم. وقيل الفهم إزالة الوهم (وأقواهم) أي أشدهم، وفي نسخة أوفاهم أي أزيدهم (يقينا) أي علما زال فيه الريب تحقيقا (وعزما) أي اهتماما بالغا ليس فيه رخصة ما فقيل جدا وقيل صبرا (وأشدّهم) أي بهم كما في نسخة صحيحة (بهم رأفة) أي زيادة رحمة (ورحما) بضم فسكون أي رحمة وعطفا. قال الله تعالى: وَأَقْرَبَ رُحْمًا. قرأ الشامي بضم الحاء والباقون بسكونها. وفي نسخة مقصور وهو تعميم بعد تخصيص لا مجرد تغاير لفظي كما ذكره الحلبي وفيه إيماء إلى قوله تعالى:
بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، ثم من قوله: (لا تخيلا ووهما) إلى هنا منصوبات على التمييز خلافا لما بعده ولذا فصله بقوله: (زكّاه) بتشديد الكاف أي طهره (روحا وجسما) فهما بدلان من الضمير فإنه عينهما لا غيرهما على خلاف التمييز. وقال الدلجي: مميزان حولا عن كونهما مفعولين وإيراد هذه الفقرة بلا عاطف دون ما قبلها لكمال انقطاع بينهما لاختلافهما ثبوتا وسلبا انتهى. وهو وهم منه وغفلة صدرت عنه لأن هذا الكلام إنما يصح لو عطف في زكاه وترك العطف في حاشاه، ثم المراد بالجسم الجسد وهو جسم كثيف ظاهري بخلاف
1 / 12