Nasihat Risalesi Şerhi
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Türler
[بيان أن تكليف ما لا يطاق قبيح]
أما الأول: وهو أن تكليف ما لايطاق قبيح: فذلك معلوم ضرورة.
ألا ترى أن كل عاقل يستقبح من أحدنا أن يقيد عبده ويصله ويهبطه إلى البير، ثم يكلفه الصعود منها بغير آلة ولا فك، ومن أخبرنا من نفسه، أنه لا يعلم قبح ذلك من نفسه، قضى جميع العقلاء بكذبه أو جهله، وما قبح ذلك من أحدنا لوجه من الوجوه سوى أنه تكليف لما لا يطاق، بدليل أنه لو كلفه الصعود، وأهبط إليه الرشاء، وحل وثاقه وقيده، وعلم أنه ممن يمكنه مع ذلك الصعود، لما قبح ذلك عند أحد من العقلاء؛ بل يعلم الجميع إستحقاق العبد للذم إذا لم يفعل ما أمره به مولاه.
وأما الأصل الثاني: وهو أن الله -تعالى- لا يفعل القبيح: فقد تقدم بيانه.
قوله: (ولم يرد سبحانه إرهاقه): يقول: لم يرد سبحانه تكليفه ما لا يمكنه، و(الإرهاق): هو إلحاق الغير المشقة، والرهاق في أصل اللغة: هو اللحاق، يقول قائلهم: رهقك الفارس إذا غشيك.
قوله: (جل فما أرحمه من والي): معنى جل وعلى وعظم عن أن يشبهه شيء.
(ما أرحمه): تعجب من سعة رحمته، ورحمته سبحانه لا تنحصر بالعد، ولا ينتهى فيها إلى حد، يكون منها أنه لم يكلف عبيده ما لا يطيقون، فكلفهم دون ما يطيقون، وعذرهم عندما فعل بهم من الآفات التي أصابهم بها، ووضع عنهم الفرض فيها فقال سبحانه: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}[النور:61].
ومن رحمته أنه أمهل من عصاه بعد استحقاقه للعقوبة؛ لأنه يستحقها([1]) من يأتي المعصية، وأمر إليه الرسل ونبهه بالخواطر، ونصب له الأدلة، وجعل باب التوبة مفتوحا لمن تاب
Sayfa 149