Nehcü'l-Belağa Şerhi
شرح نهج البلاغة
Araştırmacı
محمد عبد الكريم النمري
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1418 AH
Yayın Yeri
بيروت
ومن خطبة له وهي المعروفة بالشقشقية الأصل : أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا ؛ ينحدرعني السيل ، ولا يرقى إلي الطير ، فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي بين أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا . أرى تراثي نهبا .
الشرح : سدلت دونها ثوبا ، أي أرخيت ، يقول : ضربت بيني وبينها حجابا ، فعل الزاهد فيها ، الراغب عنها . وطويت عنها كشحا ، أي قطعتها وصرمتها ، وهو مثل ، قالوا : لأن من كان إلى جانبك الأيمن ماثلا فطويت كشحك الأيسر فقد ملت عنه ، والكشح : ما بين الخاصرة والجنب . وعندي أنهم أرادوا غير ذلك . وهو أن من أجاع نفسه فقد طوى كشحه ، كما أن من أكل وشبع فقد ملأ كشحه ، فكأنه أراد أني أجعت نفسي عنها ، ولم ألقمها . واليد الجذاء بالدال المهملة ، وبالذال المعجمة ، والحاء المهملة مع الذال المعجمة ، كلها بمعنى المقطوعة . والطخية : قطعة من الغيم والسحاب . وقوله : عمياء ، تأكيد لظلام الحال واسودادها ؛ يقولون : مفازة عمياء ، أي يعمى فيها الدليل . ويكدح : يسعى ويكد مع مشقة ، قال تعالى : ' إنك كادح إلى ربك كدحا ' وهاتا ؛ بمعنى هذه ، ها للتنبيه ، وتا للإشارة ، ومعنى تا ذي ، وهذا أحجى من كذا أي أليق بالحجا ، وهو العقل ، وفي هذا الفصل من باب البديع في علم البيان عشرة ألفاظ : أولها : قوله : لقد تقمصها ، أي جعلها كالقميص مشتملة عليه ؛ والضمير للخلافة ، ولم يذكرها للعلم بها ، كقوله سبحانه : ' حتى توارت بالحجاب ' ، وكقوله : ' كل من عليها فان ' ، وكقول حاتم :
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى . . . إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
وهذه اللفظة مأخوذة من كتاب الله تعالى في قوله سبحانه : ' ولباس التقوى ' وقول النابغة :
تسربل سربالا من النصر وارتدى . . . عليه بعضب في الكريهة فاصل
الثانية : قوله : ينحدر عني السيل ، يعني رفعة منزلته عليه السلام ، كأنه في ذروة جبل أو يفاع مشرف ، ينحدر السيل عنه إلى الوهاد والغيطان ، قال الهذلي :
Sayfa 96