Nehcü'l-Belağa Şerhi
شرح نهج البلاغة
Soruşturmacı
محمد عبد الكريم النمري
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
1418 AH
Yayın Yeri
بيروت
قال : فخرج رجل من أهل العراق ، على فرس كميت ذنوب ، عليه السلاح لا يرى منه إلا عيناه ، وبيده الرمح . فجعل يضرب رؤوس أهل العراق بالقناة ، ويقول : سووا صفوفكم رحمكم الله ! حتى إذا عدل الصفوف والرايات ، استقبلهم بوجهه ، وولى أهل الشام ظهره ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، وقال : الحمد لله الذي جعل فينا ابن عم نبيه ، أقدمهم هجرة ، وأولهم إسلاما ، سيف من سيوف الله على أعدائه ، فانظروا إذا حمي الوطيس ، وثار القتام ، وتكسر المران ، وجالت الخيل بالأبطال ، فلا أسمع إلا غمغمة أو همهمة ، فاتبعوني وكونوا في أثري ، ثم حمل على أهل الشام فكسر فيهم رمحه ، ثم رجع فإذا هو الأشتر . قال : وخرج رجل من أهل الشام فنادى بين الصفين : يا أبا الحسن ، يا علي ، ابرز إلي . فخرج إليه علي عليه السلام ، حتى اختلفت أعناق دابتيهما بين الصفين ، فقال : إن لك يا علي لقدما في الإسلام والهجرة ، فهل لك في أمر أعرضه عليك ، يكون فيه حقن هذه الدماء ، وتأخر هذه الحروب ، حتى ترى رأيك ؟ قال : وما هو ؟ قال : ترجع إلى عراقك ، فنخلي بينك وبين العراق ، ونرجع نحن إلى شامنا فتخلي بيننا وبين الشام .
فقال علي عليه السلام : قد عرفت ما عرضت ، إن هذه لنصيحة وشفقة ، ولقد أهمني هذا الأمر وأسهرني ، وضربت أنفه وعينه فلم أجد إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله على محمد . إن الله تعالى ذكره لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض وهم سكوت مذعنون ؛ لا يأمرون بمعروف ، ولا ينهون عن منكر ؛ فوجدت القتال أهون علي من معالجة في الأغلال في جهنم .
قال : فرجع الرجل وهو يسترجع ، وزحف الناس بعضهم إلى بعض فارتموا بالنبل والحجارة حتى فنيت ، ثم تطاعنوا بالرماح حتى تكسرت واندقت . ثم مشى القوم بعضه إلى بعض بالسيوف وعمد الحديد ، فلم يسمع السامعون إلا وقع الحديد بعضه على بعض ؛ لهو أشد هولا في صدور الرجال من الصواعق ، ومن جبال تهامة يدك بعضها بعضا ، وانكسفت الشمس بالنقع ، وثار القتام والقسطل ، وضلت الألوية والرايات ، وأخذ الأشتر يسير فيما بين الميمنة والميسرة ، فيأمر كل قبيلة أو كتيبة من القراء بالإقدام على التي تليها ؛ فاجتلدوا بالسيوف وعمد الحديد ، من صلاة الغداة من اليوم المذكور إلى نصف الليل ، لم يصلوا لله صلاة . فلم يزل الأشتر يفعل ذلك حتى أصبح والمعركة خلف ظهره ، وافترقوا عن سبعين ألف قتيل في ذلك اليوم ، وتلك الليلة وهي ليلة الهرير المشهورة ، وكان الأشتر في ميمنة الناس وابن عباس في الميسرة ، وعلي عليه السلام في القلب ، والناس يقتتلون .
Sayfa 123