Nehcü'l-Belağa Şerhi
شرح نهج البلاغة
Soruşturmacı
محمد عبد الكريم النمري
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1418 AH
Yayın Yeri
بيروت
قلت : قد ذكر هذا اللفظ أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في كتابه الكامل ولم يفسره ، وتفسيره أن معاوية قال للكاتب : اكتب على ألا ينقض شرط طاعة ، يريد أخذ إقرار عمرو له أنه قد بايعه على الطاعة بيعة مطلقة غير مشروطة بشيء ، وهذه مكايدة له ؛ لأنه لو كتب ذلك لكان لمعاوية أن يرجع في إعطائه مصر ، ولم يكن لعمرو أن يرجع عن طاعته ، ويحتج عليه برجوعه عن مصر ، لأن مقتضى المشارطة المذكورة ، أن طاعة معاوية واجبة عليه مطلقا ، سواء أكانت مصر مسلمة إليه أم لا .
فلما انتبه عمرو إلى هذه المكيدة منع الكاتب من أن يكتب ذلك ، وقال : بل اكتب : على ألا تنقض طاعة شرطا ، يريد أخذ إقرار معاوية له بأنه إذا كان أطاعه لا تنقض طاعته إياه ما شارطه عليه من تسليم مصر إليه . وهذا أيضا مكايدة من عمرو لمعاوية ، ومنع له من أن يغدر بما أعطاه من مصر . قال نصر : وكان لعمرو بن العاص عم من بني سهم ، أريب ، فلما جاء عمرو بالكتاب مسرورا عجب الفتى ، وقال : ألا تخبرني يا عمرو ، بأي رأي تعيش في قريش ! أعطيت دينك وتمنيت دنيا غيرك ! أترى أهل مصر - وهم قتلة عثمان - يدفعونها إلى معاوية وعلي حي ! وأتراها إن صارت لمعاوية لا يأخذها بالحرف الذي قدمه بالكتاب ؟ فقال عمرو : يابن أخي ، إن الأمر لله دون علي ومعاوية ، فقال الفتى :
ألا يا هند أخت بني زياد . . . رمي عمرو بداهية البلاد
رمي عمرو بأعور عبشمي . . . بعيد القعر مخشي الكياد
له خدع يحار العقل منها . . . مزخرفة صوائد للفؤاد
فشرط في الكتاب عليه حرفا . . . يناديه بخدعته المنادي
وأثبت مثله عمرو عليه . . . كلا المرأين حية بطن واد
ألا يا عمرو وما أحرزت مصرا . . . ولا ملت الغداة إلى الرشاد
أبعت الدين بالدنيا خسارا . . . فأنت بذاك من شر العباد
فلو كنت الغداة أخذت مصرا . . . ولكن دونها خرط القتاد
وفدت إلى معاوية بن حرب . . . فكنت بها كوافد قوم عاد
وأعطيت الذي أعطيت منها . . . بطرس فيه نضح من مداد
ألم تعرف أبا حسن عليا . . . وما نالت يداه من الأعادي
عدلت به معاوية بن حرب . . . فيما بعد البياض من السواد !
ويا بعد الأصابع من سهيل . . . ويا بعد الصلاح من الفساد
أتأمن أن تدال على خدب . . . يحث الخيل بالأسل الحداد
ينادي بالنزال وأنت منه . . . قريب فانظرن من ذا تعادي
فقال عمرو : يابن أخي ، لو كنت عند علي لوسعني ، ولكني الآن عند معاوية . قال الفتى : إنك لم لم ترد معاوية لم يردك ؛ ولكنك تريد دنياه ، وهو يريد دينك . وبلغ معاوية قول الفتى فطلبه ، فهرب فلحق بعلي عليه السلام ، فحدثه أمره فسر به وقربه .
Sayfa 42