Nehcü'l-Belağa Şerhi

Ibn Abi al-Hadid d. 656 AH
149

Nehcü'l-Belağa Şerhi

شرح نهج البلاغة

Araştırmacı

محمد عبد الكريم النمري

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1418 AH

Yayın Yeri

بيروت

ونحو هذا الكلام ما روي عن عمر ، أنه لما صدر عن منى في السنة التي قتل فيها ، كوم كومة من البطحاء فقام عليها ، فخطب الناس ، فقال : أيها الناس ، قد سنت لكم السنن ، وفرضت لكم الفرائض ، وتركتم على الواضحة ، إلا أن تميلوا بالناس يمينا وشمالا ، ثم قرأ : ' ألم نجعل عينين ، ولسانا وشفتين ، وهديناه النجدين ' ، ثم قال : ألا إنهما نجدا الخير والشر ، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير .

وقوله : إن الله داوى هذه الأمة بدواءين ، كلام شريف ، وعلى منواله نسج الحجاج وزياد كلامهما المذكور فيه السوط والسيف ، فمن ذلك قول الحجاج : من أعياه داؤه فعلي دواؤه ، ومن استبطأ أجله فعلي أن أعجله ، ومن استثقل رأسه وضعت عنه ثقله ، ومن استطال ماضي عمره قصرت عليه باقيه . إن للشيطان طيفا ، وإن للسلطان سيفا ، فمن سقمت سريرته ، صحت عقوبته ، ومن وضعه ذنبه ، رفعه صلبه ، ومن لم تسعه العافية لم تضق عنه الهلكة ، ومن سبقته بادرة فمه ، سبق بدنه سفك دمه . إني لأنذر ثم لا أنظر ، وأحذر ثم لا أعذر ، وأتوعد ثم لا أغفر ، إنما أفسدكم ترقيق ولاتكم . ومن استرخي لببه ؛ ساء أدبه . إن الحزم والعزم سلباني سوطي ، وجعلا سوطي سيفي ، فقائمه بيدي ، ونجاده في عنقي ، وذبابه قلادة لمن عصاني . والله لا آمر أحدا أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الباب الذي يليه إلا ضربت عنقه .

ومن ذلك قول زياد : إنما هو زجر بالقول ، ثم ضرب بالسوط ، ثم الثالثة التي لا شوى لها . فلا يكونن لسان أحدكم شفرة تجري على أوداجه ، وليعلم إذا خلا بنفسه أني قد حملت سيفي بيده ؛ فإن شهره لم أغمده ، وإن أغمده لم أشهره .

وقوله عليه السلام : كالغراب ، يعني الحرص والجشع ، والغراب يقع على التمرة ، ويقع على الحبة ؛ وفي المثال : أجشع من غراب ، وأحرص من غراب .

وقوله : ويحه لو قص ، يريد كان قتل أو مات قبل أن يتلبس بالخلافة لكان خيرا له من أن يعيش ويدخل فيها ، ثم قال لهم : أفكروا فيما قد قلت ، فإن كان منكرا فأنكروه ، وإن كان حقا فأعينوا عليه .

وقوله : استتروا في بيوتكم ، نهي لهم عن العصبية والاجتماع والتحزب ، فقد كان قوم بعد قتل عثمان تكلموا في قتله من شيعة بني أمية بالمدينة .

Sayfa 169