163

Sharh Nahj al-Balagha by Muhammad Abduh

شرح نهج البلاغة لمحمد عبده

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1412 AH

[النص]

الغيوب متخلصة إليه سبحانه فرجعت إذ جبهت (1) معترفة بأنه لا ينال بجور الاعتساف كنه معرفته (2) ولا تخطر ببال أولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته (3) الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله (4) ولا مقدار احتذى عليه من خالق معهود كان قبله. وأرانا من ملكوت قدرته، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قدرته ما دلنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته (5) وظهرت في البدائع التي أحدثها آثار صنعته وأعلام

[الشرح]

وبلغت في الخفاء والدقة إلى حد لا يبلغه الوصف (1) ردعها الخ جواب للشرط في قوله إذا ارتمت الخ. وردعها كفها وردها، والمهاوي المهالك، والسدف بضم ففتح جمع سدفة وهي القطعة من الليل المظلم، وجبهت من جبهه إذا ضرب جبهته والمراد ردت بالخيبة (2) الجور العدول عن الطريق، والاعتساف سلوك على غير جادة وسلوك العقول في أي طريق طلبا لاكتناه ذاته وللوقوف على ما لم تكلف الوقوف عليه من كيفية صفاته يعد جورا وعدولا عن الجادة، فإن العقول الحادثة ليس في طبيعتها ما يؤهلها للإحاطة بالحقائق الأزلية، اللهم إلا ما دلت عليه الآثار وذلك هو الوصف الذي جاء في الكتاب والسنة، وكنه معرفته نائب فاعل ينال (3) الرويات جمع روية الفكر (4) ابتدع الخلق أوجده من العدم المحض على غير مثال سابق امتثله أي حاذاه، ولا مقدار سابق احتذى عليه أي قاس وطبق عليه، وكان ذلك المثال أو المقدار من خالق معروف سبقه بالخلقة أي لم يقتد بخالق آخر في شئ من الخلقة إذ لا خالق سواه (5) المساك كسحاب - ويكسر - ما به يمسك الشئ كالملاك ما به يملك " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا " وقد جعل الحاجة الظاهرة من المخلوقات إلى إقامة وجودها بما يمسكها من قوته بمنزلة الناطق بذلك المعترف به، وقوله باضطرار

Sayfa 163