Şerh-i Müşkil
شرح المشكل من شعر المتنبي
اي لو غُدى ورُبى وأدب بمثل ما يغذي به الحُرُ ويربى ويُؤدب، لقصر عن طبيعتة الحُر، ولو لم يرُم العبودية، والعبد بمتهنه الحُرُّ، فإذا كان كذلك فهو عدو لا أخٌ.
) أولى اللئام كُيفيرٌ بمعذرةٍ ... في كل لُؤم وبعضُ العُذر تفنيدُ (
أولى اللئام في العذر في اللوم كافور، لأنه شرُّ نفسٍ من اخس جنس، أعنى بالجنس، والجيل، لا المقُول على الأنواع، واذا خس الجنس؛ عذر الواحد منه أن يجري على قيسه، الذي هو طبعُ جنسه، فغدا عذرا له، وإن كان هذا العذر بالذم والتنقص أشبه. فهو إذن عذر يزيد على التفنيد، لان التنفيذ يشعر أن المفند موجود، كقوله: ويبقى الُودُّ ما بقي العتابُ فأما إذا ترك التفنيد، للعلم بأن الإساءة طبيعة في المسيء، فذللك أقصى نهايات الذم. وأراد:) أولى اللئام بمعذرة كويفير (، لأن قوله:) بمعذرة (من تمام الاسم، الذي هو أولى. فكان ينبغي له ألا يجيء بالخير الذي هو) كويفير (إلا بعد قوله:) بمعذرة (لتعلق الباء بأولى. وكذلك إن جُعل) كويفير (هو المبتدأ، وجعل) أولى اللئام (خبر مبتدأ مقدمًا، فقد حال أيضا بين الاسم الذي هو الخبر، وبين ما هو من تمامه.
ولذلك جعل الفارسي) كِلاَ (في قوله:
كِلاَ يوميْ طُوالة وصلُ أروى ... ظنونٌ آن مُطرحُ الظنُونِ
جزءا من الخبر، لا من المبتدأ، الذي هو وصل أروى، لان وصلًا مصدر، فكان يكون) كِلا (من صلته متقدمًا له. والصلة لا تتقدم على الموصول.
وكما لا يُقدم بعضُ أجزاء الاسم على بعض مُغيرًا عن وضعه، فكذلك لا يُحال بين بعضه وبين بعض بأجنبي أيضا، فلذلك مثلنا بيت المتنبي في فصله بين) أولى (وما يتعلق بها، بالبيت الذي أنشده أبو علي، في أنه لا يجوز تقديم الصلة على الموصل. وإنما قوله:) بمعذرة (متعلق بأولى. ثم أبرز مضمره. اي أولاهم بمعذرة.
وله ايضا:
) وَعدتُ ذا النصلَ منْ تعرضهُ ... وَخفتُ لما اعترضتَ إخلاَفاَ (
اختلس له بعض أعبده سيفا، وأعطاه امراة وَردان بن ربيعة الطائي الذي تضيفه بحسمي. وكان عبيده قد خالفوا إليها فوثب ابو الطيب إلى العبد الذي اختلس السيف، فأخذه منه، وضربه به فقتله، فيقول: لم أقتلك لان السيف عظُم على قدرُه وجل لدى خَطَرُه، حتى دعاني فقده إلى قتلك، ولكن وَعَدَتُ هذا السيف أن أقتل به من تعرضه، لما تعرضت أنت له وهمتُ بالصفح عنك، خفتُ أن يتخلل وَعدى إخلافٌ، فأكون غير صادق الوعد. وأراد:) من تعرضَ له (فحذف وأوصل وكذلك اراد) وخفت لما اعترضت له (، فحذف الجار والمجرور، كقوله: إن لم يجد يومًا على مَن يَتكِلْ اراد يتكل عليه، حكاه سيبويه. وقوله:) من تعرضه (اراد: قتل من تعرضه، فحذف المضاف، لمكان العلم به، وأقام المضاف إليه مَقامه، و) مَنْ (: في موضع المفعول الثاني بوعدت.
وله ايضا:
) ألا كُلُّ ماشِيةِ الخيزليَ ... فدا كل ماشيةِ الهيدَبي (
الخَيزلي: مِشيةٌ من مشي النشاء، فيها تخُّزل وتفكٌّك. والهيدبي) بالدال والذال (: أعلى من مِشية الخيل والإبل، فيها سُرعة. فيقول: كل امراة معشوقة التحرك فدا ل ناقة وجَمضل من الإبل التي خرجت عليها من مصر، لما نلت بها من الضيم، وقد بين ذلك بقوله بعد هذا:
) . . . . . . . . . ... ومَابِيَ حُسْنُ المِشى (
أي ما على من حسن مشية النساء لأني لا أعني بذلك، وإنما أعنى بطلب النجاة، ومحاولة المُعالاة، وإرغام العُداة، وقد بين ذلك أيضًا بقوله:
) وَلكِنهُن حِبالُ الحياة ... وكيدُ العُداةِ وميطُ الأذى (
اي هن أسباب الحياة، فوضع الأسباب لان السبب من أسباب الحبل) وكيد العداة وميط الأذى (اي وسبب كيد العُداة أكيدهم بها، وسبب ميط الأذى أيضا. فحذف المضاف، وأقام المضاف اليه مقامه.
وإنما تأولنا ذلك، لان الخيل لا تكون في الحقيقة كيدًا ولا ميطًا، إذ الخيل جوهر، والكيد والميط عَرَضان، والجوهر والعرض ليسا من باب) هو هو (، بل هما من باب الغير. وقد يجوز أن يجعل الخيل هي الكيد والميط، على سعة الكلام، كأنها لما كانت سبب ذينكِ، كأنها هُما.
وقد ذهب سيبويه إلى الوجهين جميعًا في هذا الضرب، إعنى كقولهم: ما زيد إلا أكلٌ وشُرب، فإنما هي إقبالُ وإدبار.
قال: جعلها الإقبال والإدبار على سمة الكلام، وإن شئت على الحذف، كما قدمنا.
1 / 91