Şerh-i Müşkil
شرح المشكل من شعر المتنبي
فأما خروجهما على ذمه، فمعناه: أتى تأذيت بمجاورتكم، فبعثى ذلك على فراقكم، فعاضني الدهرُ حيرًا منكم، وتبدلتُ بالأذى راحة. فصار ذلك الأذى الذي كان قبلُ يدًا عندى الآن. إذا كان سبب تنقلى عنكم، وارتيادي ما أحمدته حين وحدته.
وقوله:) إذا تذكرت ما بيني وبينكم (يعني من الحال، وهو الأذى الذي عدا منهم إليه. هاج شوقي فأعلن قلبي على ما يجده من ألم التوحش.
وقد يجوز أن يعني بقوله:) إذا تذكرت ما بيني وبينكم (، ما بينهما من تفاوت المنتزلتين، كان ذلك سببًا للسُّلو.
وأما خروجهما على حمده، فمعناه: شكوتكم بل أن أختبر غيركم فلما جريت من سواكم، علمتُ أن ما شكوته منكم كان بالحمد أولى.
ثم أعلم أن سيف الدولة مع ذلك كان غير منصفٍ له. وإنما حمده بالإضافة إلى غيره، فقال: إذا تذكرت ما بيني وبينكم من قلة إنصافكم لي، سلابي ذلك عنكم.
وله ايضا:
) طَوَى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ ... فزعتُ بآمالي إلى الكذبِ (
اي عظم عندي، وأطعمتُ نفسي أن يكون، كذبًا، تُعالا بضلك لان الانسان كثيرًا ما يميل إلى تصديق ما يوافقه من الاخبار، وتكذيب مالا يوافقه منها، لما وُضعت عليه النفس من مُنافرة المحذور، وملاءمته ما يجنيها ثمرة الحُبُور، كقول الشاعر:
وَعلت نفسي بالمرجم غيبةً ... وكاذبُتها حتى أبان كِذَابًها
أبان، اي استبان.) وخَبرٌ (مرفوع على مذهب البصريين) بجاءني (لأنهم إنما يُعملُون أقرب الفعلين، ولا بد على هذا من إضمار الفاعل في) طوَى (على شريط التفسير، وإن كان إضمارًا مالم يتقدم له مُظهر.
ومن حُكم العربية، إذا وَرَد أمران كلاهُما مَتَجنبٌ على حِدَةٍ، تُجنب أقبحمها، وأوثر الثاني. ألا ترى أنهم يكرهون توإلى إعلالين؟ وقد أخذ الخليل بهما في جاء ونحوه، حين أبدل وقلب فاحتملهما كراهية ما هو أشد منهما، وهو اجتماع الهمزتين في كملة واحدة، فتفهمه.
وإما على مذهب الكوفيين فيرفع) خبر (على أنه فاعلٌ) بطوى (لأنهم يُعملون أسبق الفعلين. فلابد على هذا من الإضمار في جاءني، اي طوى الجزيرة خبرٌ حتى جاءني.
والقول الأول عندى أحسن في هذا البيت، لن النكرة التي هي) خَبرٌ (على ذلك القول، موصوفة بالجملة التي هي) فَزِعْتُ فيه بآمإلى (. إلا أن فيه ما قدر أريتُك من الإضمار في الاول، على شريطة التفسير. وعلى هذا القول الثاني، ليس للنكرة وصف. وقوله:) إلى الكَذِبِ (: أراد إلى اعتقاد الكذب، كائنًا في هذا الخبر.
ويجوز أن يريد إلى التكيب، فوضع الكَذب موضع التكذيب، كقوله:
) وبَعد عَطائك المائة الرِّتاَعا (
) يا أخت خير أخٍ يا بنت خير أبٍ ... كنايةً بهما عن أرفع النسبِ (
اي أخوتك من سيف الدولة، وأبوتك وبنُوتك من أبى الهيجاء،) كناية (عن أرفع الأحساب؛ لان من كانت لهذا الملك أختًا؛ ولهذا الأمير بنتًا؛ فقد نصع نسبهُ.) فكناية (على نُصب على المصدر، اي أكنى بهذين السببين عن أرفع نسبين.
) أجلُّ قدرك أن تُسمى مُؤبنةً ... ومن يَصِفك فقد سماكِ للعربِ (
اي إني أكرمُك عن الإيضاح لا سمك، فأعدلُ عن الإفصاع برسمك، فإذا وصفتك ورثَيتُك، عَلِمَتَ العربُ أني عَنَيتُك، فأغناني حُسن التخلية، عما لا يحسن من التسمية.
ومؤبنة: نصب على الحال والتأبين: للثناء على الهالك.
) حتى إذا لم يَدَعْ لي صِدقُه أملًا ... شَرِقتُ بالدمع حتى كاد يشرقُ بي (
اي بكيتُ حتى شرقت بالدمع، وذُبتُ من حرارة الوجد، فعدتُ جوهرًا سيالًا، حتى كاد الدمع يشرق بي، لذوبي ولُطفيِ.
) مسرةٌ في قُوبِ الطيبِ مفرقُها ... وحسرَةٌ في قُلوب البيضِ واليلبِ (
اي أنها امرأةٌ تتطيبُ ولا تلبس السلاح. فالطيب يُسرُّ بمفرقها، والسلاح يحسُدُ الطيب، لانه لا يصل منها حيث يصلُ الطيب.
وقال:) في قلوب الطيب (: ذهابًا إلى أنواعه. ولو ذهب إلى الجنس أو الشخص لقال في فؤاد الطيب: وحمله على اختيار ذلك قولهُ:) في قلوب البيض (ليقابل جمعًا بجمع، ولو قال: في فؤاد الطيب ثم قال. في قلوب البيض ساءت الصناعة؛ وكل واسع.
وله ايضا:
) تشتكي ما اشتكيتُ من ألمِ الشوْ ... قِ إليها والشوقُ حيثُ النُّحُولُ (
1 / 81