Şerh-i Müşkil
شرح المشكل من شعر المتنبي
) مضوا مُتسابقى الأعضاء فيهِ ... رُءُوسُهُم بأرجُلهم عثارُ (
اي أنفصلت أعضاؤهم بعضها قبل بعض، يقُول: تقطعت أعناقهم فبُددت، فتعثرت.
) يُغادر كُل مُلتفتٍ إليه ... ولبتُهُ لتعلبهِ وجارُ (
الثعلب: ما دخل من الرمح في جُبة السنان، والوجار: جُحرُ الثعلب وِجَار ووَجَار، حققها يعقوب. وشك أبو عبيد في الكسر. اي إذا التفت اليه المنزِم ليقاتل بعُده وقُربه لم يلبث أن يُطعن به في لبتهِ. فتكون بمنزلة الوجار للثعلب. ويجوز أن يجعل الليلة وجارًا من حيث سُمي ما يدخل من الرمح في جُبة السنان ثعلبًا.
وقوله:) وَلبَّتُه لثعلبه وجار (:جملة في موضع الحال، إذا رددتُها إلى المفرد فكأنك قلت: يغادر كل ملتفت إليه مطعون اللبة به، وهو في موضع الفلادو من الصدر.
) فهُم حزقٌ على الخابٌو رصرعي ... بهم من شُرب غيرهم خُمارُ (
اي أنهم جمدوا، وأجمدوا خيلهم، فانقطعوا وانقطعت، وأقاموا في هذا الموضع صَرعَى، كانهم شَرْب مخنُوروُن وليسوا بشَرْب، إنما الشَرب رماح سيف الدولة، لأنها التي شربت دماءهم، والخُمار إنما هو للشارب. يسخرُ بهم فيقول: كيف خُمر هؤلاء. وإنما الشاربة رماحُك.
وإن شئت قلت قلت: جعل المهرومين كالمخمورين، لما بهم من الحيرة والكسل والفتور. وجعل الهازمين كالشَرْب، لما نالوا منهم، أو مابهم من الفرح بفلهم لهم، وقتلهم إياهم، كفَرَح الشراب للنبيذ.
) يُوسطُه المفاوز كل يومٍ ... طلابُ الطالبين لا الانتارُ (
يوسطه: اي يدخله وسط المفاوز، طلابُه للمهزومين الهاربين إلى الفقار، فهو يطلبهم هناك. يقول: فهذا هو الذي يدخله المفاوز، لا هربه من أعدائه، ولا انتظاره أن يُدركوه. وقوله:) طلابُ الطالبين (: كان الأحسن في الظاهر - لو اتزن له - أن يقول: طلابُ المطلوبين، ولكن هذا يتجه على ثلاثة أوجه: إما أن يكون عنى بالطالبين أعداءه الذي كانوا يطلبونه قبل، وهم الان مطلوبون، وإما أن يكون عَنلا بالطالبين للنجاة، وهم هؤلاء المهزومون، وإما أن يكون) الطالبين (بمعنى المطلوبين، فقد يجيء) فاعل (بمعنى مفعول كما يجيء عكس ذلك كثيرًا، فما جاء) فاعل (فيه بمعنى مفعول قولُ بشر بن أبي خازم:
ذكرتُ بها سلمَى فبتُّ كأنني ... ذكرت حبيبًا فاقدًا تحت مَرْمَس
اي مفقودًا. وأما عكسُه، فنحو قوله تعالى:) إنهُ كانَ وَعدُه مَأْتِياَّ (اي آتيًا.
وذكر لي أن المتنبي سُئل عن هذا فقال: عَنيتُ بالطالبين سيف الدولة وكتيبته، وهذا عندي حسن. فطالبين على هذا في موضع رفع اي طلاب الطالبين لعدوهم: كقولك:) عجبت من ضرب زيد (وانت تريد من ضرب زيد لعمرو، فاذا كانوا قد يحذفون الفاعل، ويجتزون بالمفعول، للعلم بالمعنى، مثل قوله تعالى:
) لاَ يَسْأم الإنسانُ من دُعاء الخَيْر (
اي من دعائه الخير، فحذف المفعول وإبقاء الفاعل اولى. فقد جاء المفعول نحذوفًا كثيرًا، في مثل قوله تعالى:
رَخِيماتَ الكلامِ مُيتلاتٍ ... جواعل غي القَنَا قَصَبًا خدالاَ
مبتلات) بالكسر (اي مُقطعات للكلام، يَبْرْن المنطق نَغْمة، فحذف المفعول ومن رواه) مبتلات (فقد كفاك، لان المبتلة لفظ المفعول، وهي من النساء التي كل شيء منها حسن على حدة، كأن الحُسن) بُيل (على كل جزء منها، اي قطع. وقد اثبت هذا في كتابي الموسوم بالمخصص في اللغة.
وتوطه في المفاوز في أثر المنهزمين يكون كناية عن بعُد همته، كقوله هو فيه:
أكلما رُمتَ جَيْشًا فانْثَنَى هَرَبًا ... تَصَرَّفتْ بك في آثاره الهِمَمُ
عليك هَزْمُهُمُ في كل معترك ... وما عليك بهم عارٌ إذا انهزمُوا
وقديكون ذلك كناية هن هديته ومعرفته بالسبلُ والمخادع، حتى لا يفوته الهارب منهم، كقوله هو فيه أيضا حين هزم عُقيلًا:
توهما الأعرابُ صَولة مُتْرَفٍ ... تُذكَّرُه البيداءُ ظل السُّرَادقِ
فذَّكرتَهُمْ بالماء ساعةَ غَبَّرت ... سَماوَةُ كَلْبٍ في عُيُون الحَزَائِق
وكانوا يرُوعُون الملوك بأن بدوا ... وأن نَبُتَتْ في الماء نبتَ الغَلافِقِ
فهاجُوك أهدى في الفلا من نُجومِهِ ... وأبدى بُيوتًا من بُيوت النقانق
) غَطا بالعثير البيداء حتى ... تحيرتِ المتإلى والعشارُ (
1 / 74