على كل حال لا بد من مرجح، فهل إقرار مثل هذه الاعتراضات اعتراض على حكم الله؟ أو نقول: إن حكم القاضي بداية وليس نهاية؟ واحتيج إلى تعدد الدوائر لما احتيج إلى الكثرة في القضاة، والحاجة إلى كثرة القضاة لا شك أنه لا بد فيه من تخفيف الشروط، شروط القاضي؛ لأن الكثرة لا يتسنى معها تطبيق جميع ما اشترط في القاضي، الناس لا يحل إشكالاتهم إلا كثرة في القضاة، وإذا كثروا هل نتصور أن جميع ما اشترطه أهل العلم في القاضي أن تكون متوافرة؟ نعم لما كانوا قلة في الأمة نعم ينتقى، لكن الآن مع هذه الكثرة لا يتسنى الانتقاء، وهذا جار على حد سواء في جميع المصالح، مصالح الناس؛ لأن أوضاع المسلمين متقاربة ومتناسقة، وكما تكونوا يولى عليكم، ولما جاء شخص إلى علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- فقال له: لماذا الناس ما خرجوا على عمر وخرجوا عليك؟ لماذا؟ قال: عمر كان واليا على مثلي، وأنا وال على مثلك، وكما تكونوا يولى عليكم.
أقول: هذه الكثرة من القضاة لا شك أنه سبب في عدم التمكن من استيفاء الشروط، وإذا لم تستوف الشروط لا بد أن يكون على هذا القاضي من هو أعلم منه ممن يسدده، وهذا متمثل في التمييز، ثم بعد ذلك من ورائهم المجلس، هذه أمور على حد تقديري أنها ليس فيها اعتراض على حكم الله، نعم الذي يعترض بعد ذلك كله يقال: لا، أنت الآن قف، يعني كونك تنظر في هذا الشاب الذي نظر في قضيتك وحكم فيها، وطلبت من هو أكبر منه، لك الحق، لكن بعد الكبار تعترض؟ لأنه يتصور في بعض القضايا أن يكون أحد الخصوم أعلم من القاضي، ما يمكن يكون هذا؟ تكون قضية لعالم من العلماء يمثل بين يدي القاضي، ويعرف العالم أن القاضي أخطأ، فهل نلزمه بأن يرضى، يجزم بأنه أخطأ، نقول: إذا وصلت إلى القنوات الثلاث التي موجودة الآن ومقرة، ووكل الأمر إليها من قبل ولي الأمر، وهم علماء كبار، وفيهم الخير والبركة، نعم إذا اعترض على حكمهم أحد يكون من هذا الباب، وإلا فالمسألة مشكلة.
Sayfa 19