290

Rawda'nın Özeti Üzerine Şerh

شرح مختصر الروضة

Soruşturmacı

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Yayıncı

مؤسسة الرسالة

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: «وَإِلَّا لَوَجَبَتْ نِيَّتُهُ إِلَى آخِرِهِ» هَذِهِ إِلْزَامَاتٌ ثَلَاثَةٌ، تُلْزِمُ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ هُنَا. وَتَقْرِيرُهَا:
أَمَّا الْإِلْزَامُ الْأَوَّلُ، فَيُقَالُ: لَوْ كَانَ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ - وَهُوَ غَيْرُ شَرْطٍ - وَاجِبًا، لَوَجَبَتْ نِيَّتُهُ، أَيِ: النِّيَّةُ لِفِعْلِهِ، كَالنِّيَّةِ لِغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ، وَإِمْسَاكِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، لَكِنْ لَا تَجِبُ نِيَّتُهُ بِاتِّفَاقٍ، فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا. أَمَّا الْمُلَازَمَةُ، فَلِأَنَّ كُلَّ وَاجِبٍ تَجِبُ لَهُ النِّيَّةُ، لِأَنَّ كُلَّ وَاجِبٍ عِبَادَةٌ، وَكُلُّ عِبَادَةٍ تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ، فَكُلُّ وَاجِبٍ تَجِبُ لَهُ النِّيَّةُ. وَأَمَّا أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَجِبُ نِيَّتُهُ لَا يَكُونُ وَاجِبًا، فَلِأَنَّ النِّيَّةَ مِنْ لَوَازِمِ الْوَاجِبِ، وَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ انْتَفَى مَلْزُومُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النِّيَّةَ مِنْ لَوَازِمِ الْوَاجِبِ، إِذْ بَعْضُ الْوَاجِبَاتِ لَا تَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ مَسَائِلِ الْوَاجِبِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وُجُوبُ نِيَّتِهِ.
قُلْنَا: النِّيَّةُ إِنَّمَا تَسْقُطُ فِي بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَوْنِهِ عِبَادَةً يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ فِعْلًا وَتَرْكًا، فَلَا، وَنَحْنُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ نَعْتَبِرُهُ، وَنَشْتَرِطُ فِيهِ النِّيَّةَ.
وَأَمَّا الْإِلْزَامُ الثَّانِي، فَيُقَالُ: لَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وَاجِبًا، لَزِمَ تَعَقُّلُ الْمُوجِبِ لَهُ، أَيْ: لَزِمَ أَنْ يَتَعَقَّلَ الْمُكَلَّفُ مَنْ أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَا يَجِبُ تَعَقُّلُ الْمُوجِبِ لَهُ، فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمُلَازَمَةَ صَحِيحَةٌ، إِذْ لَابُدَّ فِي الْوَاجِبِ مِنْ مُوجِبٍ لَهُ، يَلْزَمُ مِنْ تَعَقُّلِ الْوَاجِبِ تَعَقُّلُهُ، كَمَا يَلْزَمُ مِنْ تَعَقُّلِ الْفِعْلِ تَعَقُّلُ فَاعِلِهِ، وَمِنْ تَعَقُّلِ الْأَثَرِ تَعَقُّلُ

1 / 341