130

Mishkat Şerhi

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Araştırmacı

د. عبد الحميد هنداوي

Yayıncı

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Yayın Yeri

الرياض

Türler

قال: فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك، فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك، فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك، فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك، فقال النبي ﷺ: «يا أبا هريرة! جف القلم بما أنت لاق، فاختص على ذلك أو ذر» رواه البخاري. ــ تعالى: ﴿﴾ يعني – الفجور والزنا – قوله: «في الاختصاء» خصيت الفحل خصاء – ممدودا – إذا سللت خصيته. و«جف القلم» يقال: جف الثوب وغيره يجف بالكسر جفافا وجفوفا إذا ابتل ثم جف، وفيه نداوة. «تو»: وهو كناية عن جريات القلم بالمقادير وإمضائها والفراغ منها، أقول: هذا من باب إطلاق اللازم على الملزوم؛ لأن الفراغ بعد الشروع يستلزم جفاف القلم عن مراده. «مظ»: والمعنى: إن ما كان وما يكون قدر في الأزل فلا فائدة في الاختصاء، فإن شئت فاختص، وإن شئت فاترك، وهذا ليس منه إذنا له، بل هو توبيخ ولوم على استئذانه قطع العضو من غير فائدة، كقوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾. «تو»: لم نجد هذا اللفظ أي «جف القلم» مستعملا على هذا الوجه فيما انتهى إلينا من كلام العرب، إلا في كلام رسول الله ﷺ، فأراها من الألفاظ المستعارة التي لم يهتد إليها البلغاء، فاقتضتها الفصاحة النبوية، وما ذكر ﷺ في هذا الحديث «فاختصر على ذلك أو ذر»، فالصواب «فاختص» بتخفيف الصاد من الاختصاء، وكذلك يرويه المحققون من علماء النقل، وقد صحفه بعض أهل النقل فراه على ما هو في كتاب المصابيح، ولا يكاد يتلبس ذلك إلا على عوام أصحاب الرواية، أو على من انتهى إليه الحديث مختصرا على ما هو في المصابيح، وأما من كان معتنيا بضبط الألفاظ، واتباع المعاني فلا يخفى عليه وجه الصواب، إذا استوعب طرق هذه الحديث. وقد روى هذا الحديث مستوفى في كتب أهل العلم من وجوه. قال المؤلف: الحديث في صحيح البخاري، وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي، وفي شرح السنة، وفي بعض نسخ المصابيح مذكور – كما ذكر التوربشتي – بصاد مكسورة بغير ياء بعدها. «شف»: معنى الرواية بالراء بعد الصاد الاختصار، وهو حذف المطولات من الكلام، والاقتصار على الألفاظ القليلة الدالة على المعنى، فإذا المعنى: اعلم أنه قد سبق في علم الله تعالى جميع ما يصدر عنك ويأتيك فاقتصر على ذلك؛ فإن الأمور مقدرة فيما سبق، أو ذر ودع ولا تخض فيه. «قض»: «أو» للتسوية، ومعناه: إن الاختصار على التقدير والتسليم له، وتركه والإعراض عنه سواء؛ فإن ما قدر لك من خير أو شر فهو لا محالة لاقيك، وما لم يكتب فلا حيلة ولا طريق إلى حصوله لك. وأقول: على ذلك في رواية: «اختصر» متعلق بالفعل على تضمين

2 / 542