Mishkat Şerhi
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
Araştırmacı
د. عبد الحميد هنداوي
Yayıncı
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Yayın Yeri
الرياض
Türler
٦٧ - وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة». قالوا: وإياك يا رسول الله؟
قال: «وإياي، ولكن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير». رواه مسلم. [٦٧]
ــ
«خلق الله الخلق» بيان لقوله: هذا مسلم، وبهذا المعنى لا يستقيم على أن يقال: «إن هذا مقول، وما بعده بيان له؛ لأن الفاء تدفعه. ووجه آخر: وهو أن يقدر: هذا القول مقرر، فوضع «خلق الله الخلق» موضع القول، كقوله تعالى: ﴿وَإذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ﴾ أي وإذا قيل لهم هذا القول؛ لأن (لا تفسدوا): فعل، لا يقع مفعولا إلا على التأويل. وهذا القول كفر فمن تكلم به فليتداركه بكلمة الإيمان وليقل: آمنت بالله خالق كل شيء، وليس بمخلوق، لا يتصور كنهه وهم وخيال، ولا يحضره فهم ومثال.
الحديث الخامس عن ابن مسعود: قوله: «قالوا: وإياك» «شف»: اللائق بهذا المضمر المنفصل أن يكون صيغة المرفوع المنفصل فيقال: «وأنت يا رسول الله» فيقو ﵊: «وأنا» لكن إقامة كل واحد من الضمير المرفوع والمنصوب المتصلين مقام الآخر شائع. فمن الأول قوله ﷺ: «من خرج إلى تسبيح الضحى، لا يبعثه إلا إياه» والقياس إلا هو. ومن الثاني قوله ﵊ في حديث الوسيلة: «فأرجو أن يكون أنا هو».
أقول: ويمكن أن يقال: إنه ﵊ لما قال: «وما منكم من أحد» الخ سألوا «وإياك» يعني أيضا في هذا الخطاب، فقال: نعم! وإياي؛ لأن الخطاب عام لا يختص بالمخاطبين من الصحابة، بل كل من يصح أن يخاطب به، فهو داخل فيه، كأنه قيل: «ما منكم يا بني آدم من أحد إلا وقد وكل به» ونظيره القذة بالقذة.
قوله: «ما من بني آدم مولود إلا يمسه» وقوله تعالى: ﴿فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ والخطاب للناس. قوله: «فأسلم» في جامع الترمذي: قال ابن عيينة: «فأسلم» بالضم أي أسلم أنا منه، والشيطان لا يسلم. وفي جامع الدارمي: قال أبو محمد: «أسلم» بالفتح أي استسلم وذل. وذهب الخطابي إلى الأول، والقاضي عياض المغربي إلى الثاني، وهما روايتان مشهورتان. بقول ويعضد قول من قال: «اسلم» بمعنى استسلم وذل، ما رواه الشيخان في حديث أبي هريرة: «أن عفريتا من الجن تلفت البارحة، ليقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه فأخذته، فأردت أن أربطه إلى سارية من ساري المسجد» الحديث.
2 / 520