الخلاء قال: غفرانك": مصدرٌ انتصابه بفعل مقدَّر؛ أي: أسألُ غفرانَكَ، وإنما كان يقول ذلك؛ لأنه استغفر عن خلوِّه من ذكر الله (١) تعالى في الوقت الذي كان في الخلاء، فكان تقصيرًا منه فتداركه بالاستغفار، أو الاستغفار هنا: كناية عن الاعتراف بالقصور عن بلوغ حقِّ شكر نعمة الإطعام، وتربية الغداء من حين التناول إلى أوان الانهضام وتسهيل خروج الأذى لسلامة البدن من الآلام.
* * *
٢٥٢ - وقال أبو هريرة ﵁: كانَ النبي ﷺ إذا أتى الخَلاءَ أتيتُهُ بماءٍ في تَوْرٍ أو رَكوَة فاستَنْجَى، ثمَّ مسحَ يدَهُ على الأرضِ، ثمَّ أتيْتُهُ بإناءٍ آخرَ فتوضَّأ.
"وقال أبو هريرة: كان النبي ﵊ إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تَوْرٍ": وهو إناء من صُفْرٍ أو حجر كالإِجَّانة يُتَوضأ منه.
"أو ركوَة": وهي إناء صغير من جلد يُتَوَضَّأ منه، ولفظ (أو) إما للشك ممن يروي عن أبي هريرة، أو لأن أبا هريرة كان يأتيه تارة بالتَّور، وأخرى بالرِّكوة.
"فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض": وفيه إشارة إلى أن مسح اليد على الأرض بعد الاستنجاء سنة؛ لإزالة الرائحة.
"ثم أتيته بإناء آخر فتوضأ": إتيانه بإناء آخر للتوضؤ، لا لعدم جواز التوضؤ بالماء الباقي من الاستنجاء، بل لفناء الماء الكافي للتوضؤ.
* * *
(١) في "غ": "لأنه استفرغ عن ذكر الله تعالى".