Şerhu'l-Makâsid
شرح المقاصد في علم الكلام
Yayıncı
دار المعارف النعمانية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1401هـ - 1981م
Yayın Yeri
باكستان
Türler
الرابع أن المعدوم تمتنع الإشارة إليه إذ لم يبق له ثبوت أصلا فيمتنع الحكم عليه بصحة العود لأن الحكم ثبوت شيء لشيء يقتضي تميزه وثبوته في الجملة والجواب عند المعتزلة القائلين بثبوت المعدوم وبقاء ذاته ظاهر وعندنا أن التميز والثبوت عند العقل كاف في صحة الحكم والاحتياج إلى الثبوت العيني إنما هو عند ثبوت الصفة له في الخارج وما يقال أن القضية تكون حينئذ ذهنية لا حقيقية ولا خارجية فلا يفيد إلا صحة العود في الذهن ليس بشيء لأنا نأخذ للقضية مفهوما عاما هو أن ما يصدق عليه الوصف العنواني في الجملة يصدق عليه المحمول فالمعنى ههنا أن ما يصدق عليه أنه معدوم في الخارج يصدق عليه أنه يوجد في الخارج ولو سلم فالذهنية معناها أن الموضوع المأخوذ في الذهن محكوم عليه بالمحمول فالمعنى ههنا أن المعنى الذهني المعدوم في الخارج يصح أن يعاد ويوجد في الخارج وبالجملة فهذا كما يقال المعدوم الممكن يجوز أن يوجد ومن سيولد يجوز أن يتعلم إلى غير ذلك من الحكم على ما ليس بموجود في الخارج حال الحكم وقد يجاب عن جميع الوجوه بأنا نعني بالإعادة أن يوجد ذلك الشيء الذي هو بجميع أجزائه وعوارضه بحيث يقطع كل من يراه بأنه هو ذلك الشيء كما يقال أعد كلامك أي تلك الحروف بتأليفها وهيئاتها ولا يضر كون هذا معادا في زمان وذاك مبتدأ وفي زمان آخر ولا مناقشة في أن هذا نفس الأول أو مثله وهذاالقدر كاف في إثبات الحشر ولا يبطل بشيء من الوجوه قال المبحث الثاني الفلاسفة الطبيعيون الذين لا يعتد بهم في المسئلة ولا في الفلسفة أنه لا معاد للبشر أصلا زعما منهم أنه هذا الهيكل المحسوس بما له من المزاج والقوى والأعراض وأن ذلك يفنى بالموت وزوال الحياة ولا يبقى إلا المواد العنصرية المتفرقة وأنه لا إعادة للمعدوم وفي هذا تكذيب للعقل على ما يراه المحققون من أهل الفلسفة وللشرع على ما يراه المحققون من أهل الملة وتوقف جالينوس في أمر المعاد لتردده في أن النفس هو المزاج فيفنى بالموت فلا يعاد أم جوهر باق بعد الموت فيكون له المعاد واتفق المحققون من الفلاسفة والمليين على حقية المعاد واختلفوا في كيفيته فذهب جمهور المسلمين إلى أنه جسماني فقط لأن الروح عندهم جسم سار في البدن سريان النار في الفحم والماء في الورد وذهب الفلاسفة إلى أنه روحاني فقط لأن البدن ينعدم بصوره وأعراضه فلا يعاد والنفس جوهر مجرد باق لا سبيل إليه للفناء فيعود إلى عالم المجردات بقطع التعلقات وذهب كثير من علماء الإسلام كالإمام الغزالي والكعبي والحلمي والراغب والقاضي أبي زيد الدبوسي إلى القول بالمعاد الروحاني والجسماني جميعا ذهابا إلى أن النفس جوهر مجرد يعود إلى البدن وهذا رأي كثير من الصوفية والشيعة والكرامية وبه يقول جمهورالنصارى والتناسخية قال الإمام الرازي إلا أن الفرق أن المسلمين يقولون بحدوث الأرواح وردها إلى الإبدان لا في هذا العالم بل في الآخرة والتناسخية بقدمها وردها إليها في هذا العالم وينكرون الآخرة والجنة والنار وإنما نبهنا على هذا الفرق لأنه يغلب على الطباع العامية أن هذا المذهب يجب أن يكون كفرا وضلالا لكونه مما ذهب إليه التناسخية والنصارى ولا يعلمون أن التناسخية إنما يكفرون لإنكارهم القيامة والجنة والنار والنصارى لقولهم بالتثليث وأما القول بالنفوس المجردة فلا يرفع أصلا من أصول الدين بل ربما يؤيده ويبين الطريق إلى إثبات المعاد بحيث لا يقدح فيه شبه المنكرين كذا في نهاية العقول وقد بالغ الإمام الغزالي في تحقيق المعاد الروحاني وبيان أنواع الثواب والعقاب بالنسبة إلى الروح حتى سبق إلى كثير من الأوهام ووقع في السنة بعض العوام أنه ينكر حشر الأجساد افتراء عليه كيف وقد صرح به في مواضع من كتاب الأحياء وغيره وذهب إلى أن إنكاره كفر وإنما لم يشرحه في كتبه كثير شرح لما قال أنه ظاهر لا يحتاج إلى زيادة بيان نعم ربما يميل كلامه وكلام كثير من القائلين بالمعادين إلى أن معنى ذلك أن يخلق الله تعالى من الأجزاء المتفرقة لذلك البدن بدنا فيعيد إليه نفسه المجردة الباقية بعد خراب البدن ولا يضرنا كونه غير البدن الأول بحسب الشخص ولا امتناع إعادة المعدوم بعينه وما شهد به النصوص من كون أهل الجنة جردا مرد أو كون ضرس الكافر مثل جبل أحد يعضد ذلك وكذا قوله تعالى
﴿كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها﴾
ولا يبعد أن يكون قوله تعالى
﴿أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم﴾
إشارة إلى هذا فإن قيل فعلى هذا يكون المثاب والمعاقب باللذات والآلام الجسمانية غير من عمل الطاعة وارتكب المعصية قلنا العبرة في ذلك بالإدراك وإنما هو للروح ولو بواسطة الآلات وهو باق بعينه وكذا الأجزاء الأصلية من البدن ولهذا يقال للشخص من الصبا إلى الشيخوخة أنه هو بعينه وإن تبدلت الصور والهيئات بل كثير من الآلات والأعضاء ولا يقال لمن جنى في الشباب فعوقب في المشيب أنها عقوبة لغير الجاني قال لنا المعتمد في إثبات حشرالأجساد دليل السمع والمفصح عنه غاية الإفصاح من الأديان دين الإسلام ومن الكتب القرآن ومن الأنبياء محمد عليه السلام والمعتزلة يدعون إثباته بل وجوبه بدليل العقل وتقريره أنه يجب على الله ثواب المطيعين وعقاب العاصين وإعواض المستحقين ولا يتأتى ذلك إلا بإعادتهم بأعيانهم فيجب لأن مالا يتأتى الواجب إلا به واجب وربما يتمسكون بهذا في وجوب الإعادة على تقدير الفناء ومبناه على أصلهم الفاسد في الوجود على الله تعالى وفي كون ترك الجزاء ظلما لا يصح صدوره من الله تعالى مع إمكان المناقشة في أن الواجب لا يتم إلا به وأنه لا يكفي المعاد الروحاني ويدفعون ذلك بأن المطيع والعاصي هي هذه الجملة أو الأجزاء الأصلية لا الروح وحده ولا يصل الجزاء إلى مستحقه إلا بإعادتها والجواب أنه إن اعتبر الأمر بحسب الحقيقة فالمستحق هو الروح لأن مبنى الطاعة والعصيان على الإدراكات والإرادات والأفعال والحركات وهو المبدأ للكل وإن اعتبر بحسب الظاهر يلزم أن يعاد جميع الأجزاء الكائنة من أول التكليف إلى الممات ولا يقولون بذلك فالأولى التمسك بدليل السمع وتقريره أن الحشر والإعادة أمر ممكن أخبر به الصادق فيكون واقعا أما الإمكان فلأن الكلام فيما عدم بعد الوجود أو تفرق بعد الاجتماع أو مات بعد الحياة فيكون قابلا لذلك والفاعل هو الله القادر على كل الممكنات العالم بجميع الكليات والجزئيات وأما الأخبار فلما تواتر من الأنبياء سيما نبينا عليه السلام أنهم كانوا يقولون بذلك ولما ورد في القرآن من نصوص لا يحتمل أكثرها التأويل مثل قوله تعالى
﴿قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة﴾
﴿فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون﴾
﴿فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة﴾
﴿أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه﴾
﴿وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء﴾
﴿كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها﴾
﴿يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير﴾
﴿أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور﴾
إلى غير ذلك من الآيات وفي الأحاديث أيضا كثيرة وبالجملة فإثبات الحشر من ضروريات الدين وإنكاره كفر بيقين فإن قيل الآيات المشعرة بالمعاد الجسماني ليست أكثر وأظهر من الآيات المشعرة بالتشبيه والجبر والقدر ونحو ذلك وقد وجب تأويلها قطعا فلنصرف هذه أيضا إلى بيان المعاد الروحاني وأحوال سعادة النفوس وشقاوتها بعد مفارقة الأبدان على وجه يفهمه العوام فإن الأنبياء مبعثون إلى كافة الخلائق لإرشادهم إلى سبيل الحق وتكميل نفوسهم بحسب القوة النظرية والعملية وتبقية النظام المفضي إلى صلاح الكل وذلك بالترغيب والترهيب بالوعد والوعيد والبشارة بما يعتقدونه لذة وكمالا والإنذار عما يعتقدونه ألما ونقصانا وأكثرهم عوام تقصر عقولهم عن فهم الكمالات الحقيقية واللذات العقلية وتقتصر على ما ألفوه من اللذات والآلام الحسية وعرفوه من الكمالات والنقصانات البدنية فوجب أن تخاطبهم الأنبياء بما هو مثال للمعاد الحقيقي ترغيبا وترهيبا للعوام وتتميما لأمر النظام وهذا ما قال أبو نصر الفارابي أن الكلام مثل وخيالات للفلسفة قلنا إنما يجب التأويل عند تعذر الظاهر ولا تعذر ههنا سيما على القول بكون البدن المعاد مثل الأول لا عينه وما ذكرتم من حمل كلام الأنبياء ونصوص الكتاب على الإشارة إلى مثال معاد النفس والرعاية لمصلحة العامة نسبة للأنبياء إلى الكذب فيما يتعلق بالتبليغ والقصد إلى تضليل أكثر الخلائق والتعصب طول العمر لترويج الباطل وإخفاء الحق لأنهم لا يفهمون إلا هذه الظواهر التي لا حقيقة لها عندكم نعم لو قيل أن هذه الظواهر مع إرادتها من الكلام وثبوتها في نفس الأمر مثل للمعاد الروحاني واللذات والآلام العقلية وكذا أكثر ظواهر القرآن على ما يذكره المحققون من علماء الإسلام لكان حقا لا ريب فيه ولا اعتداد بمن ينفيه قال احتج المنكرون بوجوه
الأول إن المعاد الجسماني موقوف على إعادة المعدوم وقد بان استحالتها وجه التوقف إما على تقدير كونها إيجادا بعد الفناء فظاهر وإما على تقدير كونها جمعا وإحياء بعد التفرق والموت فللقطع بفناء التأليف والمزاج والحياة وكثير من الأعراض والهيئات والجواب منع امتناع الإعادة وقد تكلمنا على أدلته ولو سلم فالمراد إعادة الأجزاء إلى ما كانت عليه من التأليف والحياة ونحو ذلك ولا يضرنا كون المعاد مثل المبدأ لا عينه
Sayfa 213