183

Şerhu'l-Makâsid

شرح المقاصد في علم الكلام

Yayıncı

دار المعارف النعمانية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1401هـ - 1981م

Yayın Yeri

باكستان

الأول أن لصور المحسوسات قبولا عندنا وحفظا وهما فعلان مختلفان فلا بد لهما من مبدأين متغايرين لما تقرر من أن الواحد لا يكون مصدرا لأثرين ومبدأ القبول هو الحس المشترك فمبدأ الحفظ هو الخيال وإنما احتيج إلى الحفظ لئلا يختل نظام العالم فإنا إذا أبصرنا الشيء ثانيا فلو لم نعرف أنه هو المبصر أو لا لما حصل التمييز بين النافع والضار واعترض بأن الحفظ مسبوق بالقبول ومشروط به ضرورة فقد اجتمعا في قوة واحدة سميتموها الخيال وبأن الحس المشترك مبدأ لإدراكات مختلفة هي أنواع الإحساسات وبأن النفس تقبل الصور العقلية وتتصرف في البدن فبطل قولكم الواحد لا يكون مبدأ الأثرين وأجيب بأن الخيال لا بد أن يكون في محل جسماني فيجوز أن يكون قبوله لأجل المادة وحفظه لقوة الخيال كالأرض تقبل الشكل بمادتها وتحفظه بصورتها وكيفيتها أعني اليبوسة وبأن مبدائية الحس المشترك للإدراكات المختلفة إنما هي لاختلاف الجهات أعني طرق التأدية من الحواس الظاهرة وكذا إدراكات النفس وتصرفاتها من جهة قواها المختلفة ولا يخفى أن هذا الجواب يدفع أصل الاستدلال لجواز أن لا تكون إلا قوة واحدة لها القبول والحفظ بحسب اختلاف الجهات وكذا الجواب بأن القبول والإدراك من قبيل الانفعال دون الفعل فاجتماع القبول والحفظ وأنواع الإدراكات في شيء واحد لا يقدح في قولنا الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد الثاني أن الصور الحاضرة في الحس المشترك قد تزول بالكلية بحيث يحتاج إلى إحساس جديد وهو ا لنسيان وقد تزول لا بالكلية بل بحيث تحضر بأدنى التفات وهو الذهول فلولا أنها مخزونة حينئذ في قوة أخرى يستحضرها الحس المشترك من جهتها لما بقي فرق بين الذهول والنسيان واعترض بأنه يجوز أن لا تكون محفوظة إلا في الحس المشترك ويكون الحضور والإدراك بالتفات النفس والذهول بعدمه وأجيب بأنه لو كان كذلك لم يبق فرق بين المشاهدة والتخيل لأن كلا منهما حضور لصورة المحسوس في الحس المشترك من جهة الحواس بالتفات النفس ومعلوم أن تخيل المبصر ليس إبصارا ولا تخيل المذوق ذوقا وكذا البواقي بل المشاهدة ارتسام من جهة الحواس والتخيل من جهة الخيال وفيه نظر لجواز أن يكون الفرق عائدا إلى الحضور عند الحواس والغيبة عنها أو إلى قوة الارتسام وضعفه ولا يكون الإدراك والحفظ إلا في قوة واحدة قال وأضعف منهما الإبطال احتج الإمام على إبطال الخيال بأن من طاف في العالم ورأى البلاد والأشخاص الغير المعدودة فلو انطبعت صورها في الروح الدماغي فإما أن يحصل جميع تلك الصور في محل واحد فيلزم الاختلاط وعدم التمايز وإما أن يكون لكل صورة محل فيلزم ارتسام صورة في غاية العظم في جزء غاية الصغر والجواب أنه قياس للصور على الأعيان وهو باطل فإنه لا استحالة ولا استبعاد في توارد الصور على محل واحد مع تمايزها ولا في ارتسام صورة العظيم في المحل الصغير إنما ذلك في الأعيان الحالة في محلها حلول العرض في الموضوع أو الجسم في المكان ( قال ومنها الوهم ) هي القوة المدركة للمعاني الجزئية الموجودة في المحسوسات كالعداوة المعينة من زيد وقيد بذلك لأن مدركة العداوة الكلية من زيد هو النفس والمراد بالمعاني ما لا يدرك بالحواس الظاهرة فيقابل الصور أعني ما يدرك بها فلا يحتاج إلى تقييد المعاني بغير المحسوسة فإدراك تلك المعاني دليل على وجود قوة بها إدراكها وكونها مما لم يتأد من الحواس دليل على مغايرتها للحس المشترك وكونها جزئية دليل على مغايرتها للنفس الناطقة بناء على أنها لا تدرك الجزئيات بالذات هذا مع وجودها في الحيوانات العجم كإدراك الشاة معنى في الذئب بقي الكلام في أن القوة الواحدة لما جاز أن تكون آلة لإدراك أنواع المحسوسات لم لا يجوز أن تكون آلة لإدراك معانيها أيضا وأما إثبات ذلك بأنهم جعلوا من أحكام الوهم ما إذا رأينا شيأ أصفر فحكمنا بأنه عسل وحلو فيكون الوهم مدركا للصفرة والحلاوة والعسل جميعا ليصح الحكم وبأن مدرك عداوة الشخص مدرك له ضرورة فضعيف لأن الحاكم حقيقة هو النفس فيكون المجموع من الصور والمعاني حاضرا عندها بواسطة الآلات كل منها بآلتها الخاصة ولا يلزم كون محل الصور والمعاني قوة واحدة لكن يشكل هذا بأن مثل هذا الحكم قد يكون من الحيوانات العجم التي لا تعلم وجود النفس الناطقة لها قال ومنها الحافظة هي للوهم كالخيال للحس المشترك ووجه تغايرها أن قوة القبول غير قوة الحفظ والحافظة للمعاني غير الحافظ للصور ويسميها قوم ذاكرة إذ بها الذكر أعني ملاحظة المحفوظ بعد الذهول عنه ومتذكرة إذ بها التذكر أعني الاحتيال لاستعراض الصور بعد ما اندرست قال ومنها المتصرفة أي في الصور المأخوذة عن الحس والمعاني المدركة بالوهم بتركيب بعضها مع بعض وتفصيل بعضها عن بعض كتصور إنسان له رأسان أو لا رأس له وتصور العدو صديقا وبالعكس وهي دائما لا تسكن نوما ولا يقظة وبها يقتنص الحد الأوسط باستعراض مافي الحافظة وهي المحاكية للمدركات والهيئات المزاجية وينتقل إلى الضد والشبيه وليس من شأنها أن يكون عملها منتظما بل النفس هي التي تستعملها على أي نظام تريد إما بواسطة القوة الوهمية من غير تصرف عقلي وحينئذ تسمى متخيلة أو بواسطة القوة العقلية وحدها أو مع الوهمية وحينئذ تسمى مفكرة قال خاتمة مما علم بالتشريح أن للدماغ تجاويف ثلاثة أعظمها البطن الأول وأصغرها البطن الأوسط وهو كمنفذ من البطن المقدم إلى البطن المؤخر وقد دل اختلال الحس المشترك بآفة تعرض لمقدم البطن الأول من الدماغ دون غيره من أجزاء الدماغ على أنه محله وهكذا الدليل على كون الخيال في مؤخر البطن الأول وكون المتخيلة في البطن الأوسط وكون الوهم مقدم البطن الأخير وكون الحافظة في آخره وأما الدليل على تعدد هذه القوى فهو اختلاف الآثار مع ما تقرر عندهم من أن الواحد لا يكون مبدأ للكثير فإن قيل القاعدة على تقدير ثبوتها إنما هي في الواحد من جميع الوجوه فلم لا يجوز أن يكون مدرك الكل هو النفس الناطقة أو قوة واحدة باعتبار شرائط وآلات مختلفة قلنا كون المدرك هي النفس والقوى الجسمانية آلات لها مذهب جمع من المحققين إلا أنه يشكل بوجود الإدراكات للحيوانات العجم وأما كون المدرك قوة واحدة جسمانية وهذه المحال آلات لها فمما لا سبيل إليه إذ لا يعقل آلية العضو لقوة جسمانية لا تكون حالة فيه ولا يخفى صعوبة إثبات بعض المقدمات الموردة في المقامين أعني إثبات تعدد القوى وتعيين محالها وقد يقال في تعيين محالها بطريق الحكمة والغاية أن الحس المشترك ينبغي أن يكون في مقدم الدماغ ليكون قريبا من الحواس الظاهرة فيكون التأدي إليه سهلا والخيال خلفه لأن خزانة الشيء ينبغي أن تكون كذلك ثم ينبغي أن يكون الوهم بقرب الخيال لتكون الصور الجزئية بحذاء معانيها الجزئية والحافظة بعده لأنها خزانته والمتخيلة في الوسط لتكون قريبة من الصور والمعاني فيمكنها الأخذ منهما بسهولة ( قال وتردد ابن سينا ) يشير إلى ما قال في الشفاء يشبه أن تكون القوة الوهمية هي نفسها للتذكرة والمتخيلة والمفكرة وهي نفسها الحاكمة فتكون بذاتها حاكمة وبحركاتها وأفعالها متخيلة ومتذكرة فتكون متفكرة بما يعمل في الصور والمعاني ومتذكرة بما ينتهي إليه عملها وله تردد أيضا في أن الحافظة مع المتذكرة أعني المسترجعة لما غاب عن الحفظ من مخزونات الوهم قوتان أم قوة واحدة قال واقتصر الأطباء لما كان نظرهم مقصورا على حفظ صحة القوى وإصلاح اختلالها ولم يحتاجوا إلى معرفة الفرق بين القوى وتحقيق أنواعها بل إلى معرفة أفعالها ومواضعها وكانت الآفات العارضة لها قد تتجانس اقتصروا على قوة في البطن المقدم من الدماغ سموها الحس المشترك والخيال وأخرى في البطن الأوسط سموها المفكرة وهي الوهم وأخرى في البطن المؤخر سموها الحافظة والمتذكرة قال وأما المحركة لم يبسط الكلام في القوى المحركة بسطه في القوى المدركة لأن المباحث الكلامية لا تتعلق بهذه تعلقها بتلك والمراد بالمحركة أعم من الفاعلة للحركة والباعثة عليها وتسمى شوقية ونزوعية وتنقسم إلى شهوية وهي الباعثة على الحركة نحو ما يعتقد أو يظن نافعا وغضبية وهي الباعثة على الحركة نحو ما يعتقد أو يظن ضارا وأما الفاعلة فهي قوة من شأنها أن تبسط الفضل بإرحاء الأعصاب إلى خلاف جهة مبدأها لينبسط العضو المتحرك أي يزداد طولا وينتقص عرضا أو تقبضه بتمديد الأعصاب إلى جهة مبدأها لينقبض العضو المتحرك أي يزداد عرضا وينتقص طولا والعضلة عضو مركب من العصب ومن جسم شبيه بالعصب تنبت من أطراف العظام تسمى رباطا وعقبا ومن لحم احتشى به الفرج التي بين الأجزاء المنتفشة الحاصلة باشتباك العصب والرباط ومن غشاء تخللها والعصب جسم ينبت من الدماغ أو النخاع أبيض لدن لين في الانعطاف صلب في الانفصال ( قال وأما مبدأ الشوق ) قد يتوهم أن من القوى المحركة قوة أخرى هي مبدأ قريب للشوقية بعيد للفاعلة كالقوة التي ينبعث عنها شوق الألف بالشيء إلى مألوفه وشوق المحبوس إلى خلاصه وشوق النفس إلى الفعل الجميل فأشار إلى أن ذلك من قبيل القوى المدركة لأن مبدأ الشوق والنزوع تخيل أو تعقل قال ثم بعض هذه القوى يعني المدركة والمحركة قد تفقد في بعض أنواع الحيوان كالبصر في العقرب والخيال في الفراشة أو أشخاصه بحسب الخلقة كالأكمه ومن ولد مفقود بعض الحواس أو الحركات أو بحسب العارض كمن أصابه آفة أخلت ببعض إدراكاته أو حركاته قال المقالة الثانية فيما يتعلق بالمجردات وفيها فصلان

أولهما في النفس

Sayfa 26