شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح
شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح
Türler
كلام الله وعلاقته بجميع الرسل
يقول ﵀: (ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم): المقصود بالقديم: الأول الذي ليس قبله شيء، فكلامه ليس صفة حادثة بعد أن لم يكن، بل كلامه جل وعلا من صفاته الذاتية التي لم يزل متصفًا بها ولا يزال متصفًا بها، وقد اتفق على إثبات هذه الصفة لله جل وعلا أهل السنة والجماعة، أئمة هذا الدين من الصحابة فمن بعدهم، فلا خلاف بينهم في إثبات هذه الصفة.
بل هذه الصفة دل عليها كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله ﷺ، فلا مجال لإنكارها، بل إن إنكار هذه الصفة يفضي إلى إنكار الصفات من أصلها، ولذلك فالذين ينكرون أن يرسل الله رسولًا إما أن ينكروا أن الله يكلم أحدًا، وإما أن ينكروا أن الله ينزل على رسوله كتابًا كما قال الله ﷿: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ﴾ [يونس:٢]، فجعل الله ﷿ سبب تعجب الكفار أن يوحي إلى رجل منهم؛ ولذلك قال القائل منهم: ﴿إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [المدثر:٢٥]، فأنكر أن يكون القرآن كلام الله جل وعلا.
فالإنكار لمسألة تكلم الله ﷿ وصفة الكلام له جل وعلا من أخطر ما يكون؛ لكونه يوافق قول المكذبين للرسل، فيلغي الرسالة، ويلغي أن يكون الله جل وعلا قد أرسل رسلًا مبشرين ومنذرين، وأنه أوحى إليهم، وأرسل إليهم.
فهذه المسألة من أخطر ما يكون، ولذلك اتفق الرسل جميعًا على إثبات هذه الصفة، فكل الرسل أخبروا أقوامهم بأن الله أوحى إليهم، وأنه كلمهم، وأنه بعثهم وأرسلهم، فإثبات صفة الكلام مما أجمعت عليه الكتب السماوية كلها، فمن أنكر هذه الصفة فقد أنكر ما اتفق عليه الرسل جميعًا.
4 / 13