لزوم المسجد لأي شيء؟ لطاعة الله تعالى، لطاعة الله، فمن يلزم المسجد فرارا من الغريم مثلا على حد زعمه لا يسمى معتكفا، من يلزم المسجد لمناسبة جوه للمكث بعض الناس في بيته غير مناسب للنوم ما فيه مكيفات، ولا في أماكن مريحة، يقول: أعتكف وأنام مضبوط، فالهدف من الاعتكاف تفريغ القلب لله -جل وعلا- بلزوم طاعته، ويرجح أهل العلم بل بعضهم يرى هذا من مقتضى الاعتكاف أنه لا يزاول فيه إلا الطاعات الخاصة اللازمة من صلاة وتلاوة وذكر، أما تعليم العلم لا يسمى اعتكاف، ولذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا اعتكف اتخذ حجيرة في المسجد، كل من أراد الاعتكاف يتخذ خباء لينعزل عن الناس وينشغل بالعبادات الخاصة.
فتعليم العلم ليس مما يؤدى في الاعتكاف، هذا الأصل في الاعتكاف عند جمع من أهل العلم، وبعضهم يقول: لطاعة الله تعالى، وتعليم العلم من أفضل الطاعات، وشهر رمضان كما هو معلوم شهر القرآن، والنبي -عليه الصلاة والسلام- اعتكف في العشر الأول، وفي العشر الأواسط، وفي العشر الأخير، اعتكف في العشر من شوال، ثم استقر اعتكافه في العشر الأخير من رمضان.
ومعلوم أن شهر رمضان شهر القرآن، يخلو فيه المعتكف بربه -جل وعلا- فيناجيه وينطرح وينكسر بين يديه ذاكرا له تاليا لكتابه مصليا ساجدا قائما.
كثير من السلف إذا جاء رمضان عطلوا التدريس، تعليم الناس الخير نفع متعدي، وفضله عظيم، ومع ذلك يتركون التعليم، ويتجهون إلى قراءة القرآن {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} [(185) سورة البقرة] فهو شهر القرآن، لطاعة الله تعالى فيه، وبلغنا عن السلف من ضربوا في هذا الباب -في باب العبادة وفي باب التلاوة وفي باب الذكر- أوفر نصيب، تجد الواحد منهم، وهذا ثابت عن عثمان وغيره يقرأ القرآن كل ليلة، والشافعي في النهار مرة وفي الليل مرة، هذا ثابت عن كثير من السلف؛ لأن القرآن ينبغي أن يغتنم شهر المضاعفات، وأهل العلم يحملون حديث: ((أقرأ القرآن في سبع)) وحديث: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) من كان ديدنه ذلك، أما من اغتنم الأوقات والأزمان الفاضلة فلا يدخل في هذا.
Sayfa 2