شرح كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية
شرح كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية
Yayıncı
مدار الوطن للنشر
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
1427 AH
Yayın Yeri
الرياض
Türler
...............................................................................................
= لأنه ليس أهلاً، وإنما نُصِّبَ للضرورة، فلو قيل - مثلاً - ما هو الأصلح إذا لم نجد من تتوفر فيه القوّة والأمانة على الوجه الأكمل؟
فنقول: يختار الأصلح فالأصلح. وإذا اختار الأصلح - مثلاً - في وقته، وحسب واقع الناس، وتبين أنه غير صالح، وجبَ أن يَعْدلَ عنه. فلو وظّف إنسانًا قد أخذ مرتبة ((الدكتوراه)) مثلاً - على أنه أخذ ((الدكتوراه)) في الفقه، ثم ولآه القضاء، وتبيّن أنه يضرب سلمى بأجا - (جبلين متباعدين) لكن يضرب بهما المثل - وليس عنده من الفقه ما يؤهله لهذا المنصب، فنقول: إن مرتبته العلمية - التي قد يكون أخذها بغشٍ - لا تبرِّر بقاءهُ في ولاية الحكم بين الناس أبدًا بل يجب أن يزال. وليست المراتب الوضعيّة للشهادات الحاضرة هي التي يقاس بها الرجل وحدها. فكم من إنسان ليس عنده هذه الشهادة، ولو وقف مع هذا الذي هي عنده، لم يقف أمامه، ولَعجز حامل هذه الشهادة أن يقابل هذا الذي ليس عنده شهادة، لكنه جيّدٌ في الفقه. وهذا شيءٌ مشاهد.
فالحاصل: أن الواجب أن نولي الأمر من هو أهله بالمعنى الحقيقي، لا بالمراتب الوضعية وحدها.
لكن قد يقول السلطان مثلاً أو وليّ الأمر الكبير: أنا لا أستطيع أن أفحص الناس وأَسْتَبْرِأَهم كلَّهم، فهذه الشهادات تعينني.
فنقول: أنت معذور، وهذا ما تقدر عليه. لكن إذا تبيَّن لك أن هذا ليس بأهل، فالواجب عليك إزالته، حتى لو احتج عليك وقال: أنا عندي شهادة من عشرين سنة، نقول: ولو كان. ما دام قد تبين فشلك؛ فلا يجوز أن نوليك أمور المسلمين، لا في القضاء، ولا في التدريس، ولا في غير هذا.
40