Sharh Kitab Al-Jami' li Ahkam Al-Siyam wa A'mal Ramadan - Hutaybah
شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - حطيبة
Türler
مسائل تتعلق ببداية ونهاية الصوم
إنَّ الصيام يبدأ من أول الفجر حتى غروب الشمس، إذًا: ينقضي الصوم ويتم بغروب الشمس، وهذا من رحمة الله سبحانه، إذْ خفف علينا بعدما كان الصوم يبدأ من العشاء حتى غروب شمس اليوم الثاني، فيصام ثلاثًا وعشرين ساعة في اليوم! فالله خفف وجعل الليل للأكل والشرب والجماع، قال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:١٨٧] إذًا: من طلوع الفجر الصادق حتى غروب الشمس.
وهذا بإجماع المسلمين؛ لقول النبي ﷺ: (إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) فقد أشار النبي ﷺ أن الليل آتٍ من هنا، والشمس تتحرك من المشرق إلى المغرب، وكلما تتحرك من مكان تخلف خلفها مكانًا للظلِّ ومكانًا للَّيل، فالظلمة تبدأ يسيرًا شيئًا فشيئًا حتى تعمَّ الظلمة جميع المكان، فيكون هذا الليل بغروب الشمس، إذًا: إذا جاء الليل من هاهنا وغرب النهار من هاهنا، فقال النبي ﷺ: (وأدبر النهار)، وقال: (وغربت الشمس) لأنه ليس ضروريًا إذا أدبر النهار أن تكون قد غربت الشمس، ولكن قد يكون هذا في تخيلك أنت وفي نظرك، فقد يُدبر النهار بسحابات انتشرت في السماء، ولم تغرب الشمس، فعلى ذلك لا بد من غروب الشمس، والذي يقف عند البحر، أو في أفق واسع أمامه في صحراء أو نحوها يرى الشمس وهي تغرب، تنزل رويدًا رويدًا حتى تنزل تحت الأفق.
قال العلماء: الأحوط أن يمسك جزءًا يسيرًا بعد الغروب؛ لأن الذي يرى الشمس وهي تغرب، يجد أن الشمس حين تنزل تحت الأفق يكون فوقها شعاع يسمى الشفق الأحمر، وكأن هذا الشفق يخبر الإنسان أن الشمس لم تنزل بالكامل تحت الأفق، ولذلك لا بد من الاحتياط.
والدخول في الصوم يكون بطلوع الفجر الثاني وهو الفجر الصادق، وذكرنا أن الفجر الذي سماه النبي ﷺ الفجر الكاذب هو ضوء يكون في السماء مستطيلًا، والفجر الصادق يكون ضوءًا أو خيطًا مستعرضًا في الأفق من المشرق إلى المغرب.
روى البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم ﵁ قال: لما نزلت ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة:١٨٧] قلت: يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين، عقالًا أبيض وعقالًا أسود أعرف الليل من النهار، فقال رسول الله ﷺ: (إن وسادك لعريض، إنما هو سواد الليل وبياض النهار)، فـ عدي بن حاتم أخطأ في هذا الشيء، وأخذ بمقتضى ما يفهم هو من اللغة، أنه خيط أبيض وخيط أسود، فأخذ حبلين، حبلًا أبيض وحبلًا أسود، ووضعهما تحت وسادته ليتبين هذا من ذاك، فبيَّن له النبي ﷺ هذا الخطأ وأن قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ﴾ [البقرة:١٨٧] يقصد به: بياض النهار، وسواد الليل.
أيضًا جاء في حديث النبي ﷺ الذي رواه مسلم عن سمرة بن جندب ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا يغرنكم من سحوركم) أي: من أكل السحور (أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطيل هكذا) إذا كان الأفق أمامكم بطول السماء، فليس هو الفجر، لكن الفجر الذي يكون خيطه مستعرضًا آتيًا من المشرق إلى المغرب وتراه أمامك.
5 / 10