شرح كتاب الإيمان - يوسف الغفيص
شرح كتاب الإيمان - يوسف الغفيص
Türler
الرد على جميع فرق المرجئة والوعيدية بأن الإيمان يستعمل مطلقًا ومقيدًا
وهذا الفقه لكون الإيمان يستعمل مطلقًا ويستعمل مقيدًا يحصل به الرد على جميع طوائف المرجئة والوعيدية؛ فإن الوعيدية اعتبروا من النصوص السياق المطلق، واستدلوا به على أن الله ﷾ لا يسمي المؤمنين إلا وقد استكملوا الأعمال الظاهرة والباطنة.
فمن يقرأ في كتب المعتزلة يجد أنهم إذا استدلوا على قولهم يستعملون قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون:١].
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنفال:٢] إلى أمثال ذلك.
وإذا قيل: ما وجه هذا التنوع في كتاب الله وفي كلام الرسول ﷺ؟
قيل: إنما تنوع ذكر الإيمان؛ لأن الإيمان ليس واحدًا، ولهذا نقول: إنَّ ذكره مطلقًا وذكره مقيدًا دليلٌ قاطع على كون الإيمان يزيد وينقص؛ لأن الله أثبت أصله دون الإسلام أو العمل في مقام، وفي مقام آخر ذكره على التمام والكمال.
أما قول المصنف: "حين سئل عن الإيمان ما هو؟ فقال: (أن تؤمن بالله ...) فهو يشير إلى حديث جبريل، ولا شك أن النبي ﷺ لما ذكر الإيمان في حديث جبريل ذكره في القلب والاعتقاد، وهو الإيمان بالله وملائكته ... إلخ، فنقول: هذا السياق في ذكر الإيمان المقيد؛ لأنه قيد باسم الإسلام، ولهذا إذا ذكر الإيمان مقيدًا فإنما يراد أصله.
ومن تأمل آيات القرآن وأحاديث الرسول ﷺ التي ذكرت الإيمان مقيدًا إما باسم الإسلام وإما باسم العمل، يرى أن الإيمان يذكر في مورد الإيمان القلبي لا في مورد العمل، وهذا دليل على أن الإيمان يزيد وينقص، وأن له نقصًا وكمالًا، وهو دليل على الحقيقة التي سبق أن أشرنا إليها وهي أن أصل الإيمان في القلب، والسلف وإن قالوا: هو قول وعمل، وجعلوا العمل أصلًا في الإيمان إلا أنهم متفقون أن أصل الإيمان في القلب، وهو محل اتفاق بين السلف: أن أصل الإيمان في القلب.
4 / 5