شرح كتاب الحدود في النحو
للفاكهى
(899 - 972 ه)
Sayfa 34
[مقدمة الشرح]
[مقدمة الشرح للمؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن واختم بخير يا كريم
نحمدك يا من من بالفضل على من شاء من عباده, وبلغه بخدمة العلم الشريف غاية مراده.
ونصلي ونسلم على من أرسل للعالمين هدى ورحمة, وخص بجوامع الكلم, وشرح صدره وملئ حكمة, فكان لا ينطق عن الهوى فيما يصدر عنه من قول وكلمة, صلى الله عليه وسلم, ما قام بالنفس ضمير وأعرب عنه فم وتكلم, وعلى آله الغر الكرام, وأصحابه مصابيح الظلام.
أما بعد:
Sayfa 35
فقد كنت ألفت حدودا في النحو جمعتها من كتب [جمة] ثم سنح لي أن أضع عليها شرحا ممتزجا بكلماتها, يناسبها في الاختصار والإتقان, كافلا لحل مبانيها وتوضيح معانيها, فوضعت هذه العجالة ملتقطة من نثارهم, سائلا من الله الحكيم الوهاب, أن يهديني طريق الصدق والصواب, فإنه الجدير بالإجابة, والمعول عليه في طلب الإصابة.
فأقول مقتديا بأسلوب الكتاب العزيز, وعاملا بمقتضى الحديثين:
Sayfa 36
ص: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله
[شرح مقدمة المتن]
ش: {بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله}
الجار مع مجروره متعلق بمحذوف للعلم به, يقدر مؤخرا للاهتمام أو للاختصاص, مناسبا لما جعلت التسمية مبدأ له, كما أفاده الزمخشري, إذ كل جار ومجرور - ليس بزائد, ولا مما يستثنى به - لابد أن يتعلق بالفعل, أو بما يشبهه, أو ما أول بما يشبهه, أو ما يشير إلى معناه.
1 - و (الله):
علم على الذات الواجب الوجود, المستحق لجميع المحامد.
ولا خلاف أنه أعرف المعارف وإن كان علما.
Sayfa 37
وهو اسم لم يسم به أحد قط إلا الله.
ولمزيد الاعتناء به تكرر في القرآن العظيم ألفي مرة وخمسمائة وستين مرة.
2 - و (الرحمن الرحيم):
صفتان مشبهتان بنيتا للمبالغة من: رحم, بعد نقله 2 إلى (فعل) بضم العين. /
وقدم (الرحمن) لأنه أبلغ, إذ الزيادة في البناء تدل على زيادة المعنى, كما في: قطع, وقطع.
ومن ثم أطلق جماعة (الرحمن): على مفيض جلائل النعم, و (الرحيم): على مقبض دقائقها.
3 - و (الحمد) لغة:
الثناء باللسان على الجميل الاختياري على قصد التعظيم سواء تعلق بنعمة أم لا.
Sayfa 38
ص: الذي أعطى من رفع قدره بالعلم مكانا عليا.
4 - و (الشكر):
فعل يشعر بتعظيم المنعم بسبب كونه منعما على الشاكر أو غيره, سواء كان باللسان, أم بالجنان, أم بالأركان.
فالحمد أعم متعلقا وأخص موردا, والشكر بالعكس.
5 - والمراد بالجميل:
ما يليق بالشخص ويحسن به, فهو متناول للفضائل والفواضل.
وجملة (الحمد لله) إخبارية لفظا إنشائية معنى, إذ المراد بها: إيجاد الحمد, لا الإخبار بأنه سيوجد.
وهي أبلغ صيغ الحمد, لدلالتها على اختصاص كل حمد بالله سبحانه.
ش: {الذي أعطى من رفع قدره} - أي محله - {بالعلم} الشرعي وما هو آله له - أي بسبب معرفته - {مكانا عليا} - أي # ص: وشرفه باللغة العربية, فكان لفصيح الكلام كفوا ووليا.
Sayfa 39
وأشهد أن لا إله
مرتفعا - وهو كناية عن علو المنزلة دنيا وأخرى, قال تعالى: «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات».
ورفعتها تدل على الفضل, إذ المراد كثرة الثواب, وبها ترفع الدرجات.
ش: {وشرفه} - أي عظمه - {باللغة العربية} - أي بمعرفتها - {فكان} بسبب ذلك {لفصيح الكلام} - أي للكلام الفصيح, من إضافة الصفة للموصوف.
6 - وهو:
الخالص من ضعف التأليف, وتنافر الكلمات, [والتعقيد]. مع فصاحتها - {كفوا ووليا} له.
Sayfa 40
{وأشهد} - أي أعلم وأتحقق - {أن لا إله} - أي معبود # ص: إلا الله وحده لا شريك له, شهادة تلبس قائلها من الشرف حاليا, وأشهد أن سيدنا محمدا
ش: بحق - {إلا الله} الواجب الوجود {وحده لا شريك له}: في ملكه, وذاته, وصفاته. {شهادة} - مفعول مطلق مؤكد - {تلبس قائلها} - أي الناطق بها - {من الشرف} - بيان لقولنا - {حليا} , قدم رعاية للسجع.
{وأشهد} - أي أعلم وأتحقق - {أن سيدنا} - أي أفضلنا, [أي البشر]. من: ساد قومه يسودهم, فهو سيد.
وأصله: سيود. وفيه إعلال معروف - {محمدا} 0 عطف بيان, أو بدل.
وهو علم منقول من اسم مفعول المضعف, موضوع لمن كثرت خصاله الحميدة, سمى به نبينا بإلهام لذلك, فهو أبلغ من (محمود) /. 3
واستعمال (السيد) في غير الله تعالى, شائع كثير, يشهد له الكتاب والسنة:
Sayfa 41
ص: عبده ورسوله .
فمن الكتاب قوله تعالى: «سيدا وحصورا» , و «ألفيا سيدها لدى الباب».
ومن السنة قوله - عليه الصلاة والسلام -: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» , و «قوموا لسيدكم».
وحكى عن الإمام مالك - رحمه الله تعالى - الكراهة.
وفي أذكار النووي عن ابن النحاس: جواز إطلاقه على غير الله إلا أن يعرف بأل, ثم قال: والأظهر جوازه معها
ش: {عبده ورسوله} خبر أن.
Sayfa 42
ص: الذي خصه بجوامع الكلم, واتخذه صفيا, صلى الله عليه وسلم.
7 - والمشهور في تعريف الرسول:
أنه إنسان أوحى إليه بشرع وأمر بتبليغه.
8 - والنبي:
أنه إنسان أوحى إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه.
فكل رسول نبي ولا عكس.
9 - {الذي خصه} الله {بجوامع الكلم} - أي:
بالكلمات المحتوية على فوائد جليلة بألفاظ يسيرة, من غير إطناب ولا تطويل -
{وأتخذه} - أي صيره - {صفيا} , أي حبيبا مصافيا. وجملة {صلى الله عليه وسلم} جملة دعائية, أي اللهم صل وسلم عليه.
10 - والصلاة من الله: رحمة, ومن الملائكة: استغفار, ومن المؤمنين: دعاء وتضرع.
Sayfa 43
ص: وعلى آله
وخص الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - من بين البشر: بالإفراد بلفظ الصلاة, تعظيما لهم.
11 - والتسليم: التحية بالسلام.
12 - ومعناها: الإخبار بالسلامة من كل مكروه.
والجمع بينهما مستحب, وإفراد أحدهما عن الآخر مكروه.
13 - {وعلى آله} , فسر سيبويه:
بالقوم الذين يؤول أمرهم إلى المضاف إليه.
وهذا منه نص في أنه اسم جمع.
وقيل: أصله: أهل. بدليل: تصغيره على: أهيل.
خص استعماله في الأشراف وأهل الخطر.
ومذهب الشافعي - رضي الله عنه -: أن الشرع خص باسم # ص: وأصحابه, وذريته بكرة.
Sayfa 44
(آل النبي): مؤمنى بنى هاشم والمطلب, ابنى عبد مناف, من بين أهله كلهم أو من يرجع إليه بقرابة أو نحوها. للدليل المبين في محله.
وإضافته للضمير جائزة - على الصحيح - وليست من لحن العامة.
ش: {وأصحابه}: جمع صحب, وهو اسم جمع لصاحب, بمعنى: الصحابي.
14 - وهو: من اجتمع مؤمنا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ومات مؤمنا.
وعطف (الأصحاب) على (الآل) الشامل لبعضهم: لتشمل الصلاة باقيهم.
{وذريته}: كأولاد الحسن والحسين / ... 4
15 - [بكرة}: أي أول النهار. وهو من الفجر على الصحيح.
Sayfa 45
ص: وعشيا.
ش : 16 - {وعشيا}: أي آخر النهار. وهو من غروب الشمس.
Sayfa 46
ص: وبعد:
فقد سألني من لا تسعني مخالفته أن أجمع له الحدود المختارة المستعملة في علم النحو
[شرح لبيان المؤلف سبب تأليف المتن]
ش: {وبعد]:
هو من الظروف المبنية على الضم, المنقطعة عن الإضافة. والعامل فيه: (أما) المحذوفة, لنيابتها عن الفعل.
وحذفت لكثرة الاستعمال, واستغنى عنها بدخول الفاء في الجواب.
والأصل: مهما يكن من شئ بعد الحمد وما ذكر معه.
{فقد سألني من لا تسعنى مخالفته} , من هو في الجلالة سيدى وجدى, فرع الشجرة الطيبة الأصل والفاصلة الكبرى, وناهيك بها من فضل, سلالة العلماء الأماثل الأكابر الأفاضل:
{أن أجمع له} من كتب النحاة.
{الحدود المختارة} عندهم, {المستعملة} على ألسنتهم {في علم النحو} , وهو ما سيجيء.
Sayfa 47
ص: وحدود ما صم إليه.
فأجبته إلى سؤاله, وشرعت فيه مقتصرا على ذكر الحدود فأقول. مستمدا من الله التوفيق:
ش: {وحدود ما ضم إليه} , مما يذكر فيه تبعا وهو من غيره, كالمضمر والوقف والإمالة.
{فأجبته} بعد الاستخارة {إلى سؤاله} , راجيا من الله الثواب.
{وشرعت فيه} حالة كونى {منتصرا} فيه {على ذكر الحدود}.
وقد أذكر ما يترتب عليه ذلك أو يشعر به.
إذا علمت ذلك {فأقول} حالة كونى {مستمدا من الله} - أي طالبا منه - {التوفيق}.
16 - وهو: خلق قدرة الطاعة في العبد, وبها يرتكب المأمورات, ويجتنب المنهيات, ويفوز بسعادة الدارين.
وعكسه الخذلان-:
Sayfa 48
ص: اعلم أن الحد والمعرف في عرف النحاة والفقهاء والأصوليين, اسمان لمسمى واحد. وهو: ما يميز الشيء عما عداه. ولا يكون كذلك إلا ما كان جامعا مانعا.
[تعريف الحد عند النحاة والفقهاء والأصوليين, والمناطقة]
ش: {اعلم} - فعل أمر مأخوذ من: تعلم, يقتضى مفعولين سد مسدهما هنا (أن) مع اسمها وخبرها - {أن الحد, والمعرف} - بكسر الراء المشددة - {في عرف النحاة, والفقهاء, والأصوليين} , لا مطلقا: {إسمان لمسمى واحد} - أي معنى واحد -
17 - {وهو} - أي المسمى الواحد -:
{ما يميز الشيء عن} جميع {ما عداه}.
كالحيوان الناطق, فإنه يميز الإنسان عن جميع ما عداه, مما شاركه في مطلق الحيوان.
{ولا يكون كذلك } , أي ولا يميز الشئ عما عداه {إلا ما كان: جامعا} لأفراد المحدود فلا يخرج عنه شيء منها, {مانعا} من. خول غيرها فيه
وخرج بعرف النحاة وما بعده: عرف المنطقيين, فإن المعرف - # بالمعنى المذكور عندهم - أعم من الحد لشموله له ولغيره, فهو عنده أربعة أقسام:
Sayfa 49
19 - حد تام: وهو ما تركب من الفصل والجنس القريبين.
20 - وناقص: وهو ما تركب من الفصل القريب وحده./
أو: منه ومن الجنس البعيد.
21 - ورسم تام: وهو ما تركب من الخاصة والجنس القريب
22 - وناقص: وهو ما تركب من الخاصة وحدها.
أو: منها ومن الجنس البعيد.
Sayfa 50
ص: فنبدأ بتعريف النحو.
ش:
[تعريف النحو]
وبيان: موضوعه, وفائدته, وغايته, واستمداده, ومسائله إذا عرفت ذلك {فتبدأ بتعريف النحو}:
وهو لغة - يطلق على أحد معان:
بمعنى القصد, وبمعنى البيان, وبمعنى الجانب, وبمعنى المقدار, وبمعنى المثل, وبمعنى النوع, وبمعنى البعض, وبمعنى القريب, وبمعنى القسم.
ويجمع بعضها قول بعض الفضلاء:
نحونا نحو دارك يا حبيبي: لقينا نحو ألف من رقيب
وجدناهم مراضا نحو كلب: تمنوا منك نحوا من زبيب # ص: فحده: علم بأصول
Sayfa 51
والظاهر أنه اصطلاحا منقول من النحو بمعنى القصد. وإطلاقه عليه من باب إطلاق المصدر على اسم المفعول, فالنحو إذا بمعنى: المنحو. أي المقصود.
وخص به هذا العلم وإن كان كل علم منحوا كاختصاص علم الأحكام الشرعية: بالفقه.
وسبب تسميته بذلك قول سيدنا علي - رضي الله عنه -: انح هذا النحو. قسمى بذلك تبركا وتيمنا بلفظ الواضع له.
23 - ش: {فحده} اصطلاحا:
24 - {علم بأصول}: أي بقواعد كلية منطبقة على جزئياتها.
منها:
كل ما اشتمل على علم الفاعلية فهو مرفوع.
وكل ما اشتمل على علم المفعولية فهو منصوب.
وكل ما اشتمل على علم المضاف إليه فهو مجرور.
Sayfa 52
ص: يعرف بها أحوال الكلم إعرابا وبناء
وكل ما شابه الحرف شبها قويا يدنيه منه فهو مبنى.
ش: {يعرف بها} - أي بسببها - {أحوال الكلم} , أي الكلمات العربية.
25 - و (الأحوال): ما يعرض للكلم بالتركيب, من الكيفية, والتقديم والتأخيرز
{إعرابا وبناء} , أي من حيث الإعراب والبناء.
فخرج عن الحد:
ما يعرف منه أحوال الكلم بالنسبة إلى المطابقة لمقتضى الحال وعدمها, وما يعرف منه أحوالها بالنسبة إلى كونها موزونة بأوزان خاصة.
وإنما قيل: علم بأصول. ولم يقل: بأحوال. ليدخل فيه العلم بما هو كالمقدمات له, كالكلمة والكلم والإعراب والبناء وأنواعهما, وأقسام المعارف والنكرات. فإن هذه الأمور # أصول يعرف بها الأحوال وليست علما بالأحوال أنفسها.
Sayfa 53