52

[فصل رقم 101]

[aphorism]

PageVW3P060A قال أبقراط: وأما في الخريف فيعرض أكثر أمراض الصيف، وحميات ربع ومختلطة (189)، وأطحلة، واستسقاء، وسل، وتقطير البول، واختلاف الدم، وزلق الأمعاء، ووجع الورك، والذبحة، والربو، والقولنج الشديد الذي يسمى باليونانية إيلاوس، والصرع، والجنون، والوسواس السوداوي.

[commentary]

قال عبد اللطيف: ذكر أنه يعرض في الخريف أكثر أمراض الصيف على جهة المشاركة بين الفصلين لأن أول كل فصل شبيه بالذي قبله، كما جرى الأمر عليه في الصيف مع الربيع، لأن الخريف يأتي والصفراء التي أحدثها الصيف في الأبدان على حالها PageVW2P061A فلا يحيلها إلى طبيعته دفعة بل قليلا قليلا، ففي أوله تكون الصفراء بعد على حالها، فتكون الأمراض صفراوية. وأما إذا تمكن الفصل، فإنه يغلب ويفعل (190) في الأخلاط فعله الخاص به وهو السوداء، فتحدث الأمراض السوداوية، وتنقلب الصفراوية منها سوداوية، بحسب طبيعة الفصل (191). فإن قيل (192): لم قال في الصيف أنه يعرض فيه بعض أمراض الربيع؟ وقال في الخريف أنه يعرض فيه أكثر أمراض الصيف؟ PageVW0P052A قيل: لأن طبيعة الأمر على ذلك، وذلك أن الصيف يحلل ما أبقاه الربيع في الأبدان فلا تحدث فيه أمراض الربيع، إلا الواحد بعد الواحد لاندفاع الأخلاط إلى سطوح (193) الأبدان. وأما الخريف فيكثف الأبدان، ويردع عن التحلل، ويدفع الأخلاط إلى أعماق الأبدان، فحقيق لذلك أن يحدث فيه أكثر أمراض الصيف، ثم تحدث فيه الأمراض التي تخصه (194)، وهي حميات الربع لكونها سوداوية من طبيعة الفصل. والسوداء على ضربين: عن (195) احتراق المرة الصفراء، وعن غلظ الدم. وأما الحميات المختلطة فتحدث في هذا الفصل لاختلاف مزاجه، مرة حر، ومرة برد، ويعظم الطحال فيه لغلبة الخلط السوداوي. وقال: أطحلة، وهو يريد مرض الأطحلة، فسمى المرض باسم العضو نفسه، كما يقال: بفلان (196) بطن، أي وجع البطن. وأما السل، فيحدث فيه لاختلال مزاجه ورداءة الأخلاط فيه. PageVW3P060B وفي الخريف - أيضا - ينكشف أمر السل، فمن كان يخاف عليه السل (197) وأمره مشكل، فإنه في الخريف ينكشف أمره. وأما تقطير البول PageVW1P045B فيحدث لاحتداد الأخلاط، وتأذي المثانة لأنها عضو عصبي، فإذا جرى عليها أمر الخريف وهو غير منتظم، تارة برد وتارة حر، تأذت. ثم إن الخريف يحقن (198) فضول المثانة التي حللها الصيف. وأما زلق الأمعاء PageVW2P061B فهو خروج البراز بسرعة من غير أن يتغير، وذلك لسببين (199): أحدهما: لقروح تحدث في سطح المعدة والمعا الباطن، شبيه بالقلاع العارض في أفواه الصبيان، وذلك يحدث من فضول لذاعة فلا تحتمل مباشرة الطعام فتدفعه عنها بسرعة ولا يلبث ريثما يتغير، فيخرج بحاله. والثاني: لضعف القوة الماسكة، وذلك لتغير عظيم (200) يحدث في مزاج المعدة والأمعاء. والخريف يعين في توليد هذين السببين. وأما وجع الورك، فهو عرق (201) النسا، ويحدث لخبث الأخلاط في ذلك الوقت، ولبرده. وأما الذبحة فعن فضل مراري يتحلب إلى الحلق. والذبحة العارضة في الربيع أميل إلى البلغم، والصيفية أقرب إلى الحدة. وأما الربو، فلحركة الأخلاط إلى الباطن بسبب البرد، ولذلك يحدث إيلاوس، وهو امتناع نفوذ الثفل إلى أسفل، وأكثر كونه عن PageVW0P052B ورم في الأمعاء ونواحي المعدة، وأحرى (202) ما كان ذلك عند برد الهواء ويبسه واختلافه، لأن الأبدان تختلط أيضا، لأنها تابعة للأوقات (203). وأما الصرع، فيعرض في الخريف لمن كان بدنه متهيئا لهذه العلة، لتنقل (204) الأبدان إلى المضادات فيه بغتة. وليس شيء أعون على تهيج نوائب الصرع من أن يكون أول النهار (205) وآخره بردا (206)، وأوسطه حرا. وأما الجنون، فيعرض لخبث الأخلاط الرقيقة المرارية. وأما الوسواس السوداوي، فلغلبة السوداء في هذا الوقت.

[فصل رقم 102]

[aphorism]

قال أبقراط: وأما في الشتاء، فيعرض ذات الجنب، وذات الرئة، والزكام، والبحوحة، PageVW3P061A والسعال، والسل، وأوجاع الجنبين والقطن، والصداع، والسدر، والسكات.

[commentary]

قال عبد اللطيف: اقتصر هنا على الأمراض التي تخص الشتاء ولم يذكر ما يشارك فيه الخريف، PageVW2P062A كما فعل (207) بالخريف مع الصيف وبالصيف مع الربيع، اجتزاء (208) بأن ذلك مفهوم من قوله السابق، ولعمري أن أول الشتاء شبيه بالخريف، فيحدث في الشتاء ذات الجنب وذات الرئة لما ينال آلات التنفس من التضرر بالبرد. ويعرض أيضا السعال وأوجاع الجنبين، ثم إن الرأس قد يتضرر بالبرد كما يتضرر الصدر، فيحدث الزكام والبحوحة (209) والسعال والسدر والصداع لاحتقان الأبخرة، والسكات لامتلاء الدماغ من البلغم حتى يغمره، وكذلك وجع القطن. وكل عضو عصبي.

Bilinmeyen sayfa