56

Şerhu Akîdetü’t-Tahâviyye

شرح العقيدة الطحاوية

Araştırmacı

أحمد شاكر

Yayıncı

وزارة الشؤون الإسلامية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٨ هـ

Yayın Yeri

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْمُرَادَ، مِثْلَ نَظَرِ أُمِّهِ إِلَيْهِ فِي حَالِ جُوعِهِ وَإِدْرَاكِهِ بِنَظَرِهَا أَوْ نَحْوِهِ أَنَّهَا تَعْنِي جُوعَهُ، أَوْ يَسْمَعُهُمْ يُعَبِّرُونَ بِذَلِكَ عَنْ جُوعِ غَيْرِهِ. وإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَالْمُخَاطَبُ الْمُتَكَلِّمُ إِذَا أَرَادَ بَيَانَ مَعَانٍ، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا أَدْرَكَهَا الْمُخَاطَبُ الْمُسْتَمِعُ بِإِحْسَاسِهِ وَشُهُودِهِ، أَوْ بِمَعْقُولِهِ، وَإِمَّا [أَنْ] لَا يَكُونَ كَذَلِكَ. فَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ تَحْتَجْ إِلَّا إِلَى مَعْرِفَةِ اللُّغَةِ، بِأَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَفَ مَعَانِيَ الْأَلْفَاظِ الْمُفْرَدَةِ وَمَعْنَى التَّرْكِيبِ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ﴾ ﴿وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾ (١)، أَوْ قِيلَ لَهُ: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (٢)، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهِمَ الْمُخَاطَبُ بِمَا أَدْرَكَهُ بِحِسِّهِ. وَإِنْ كَانَتِ الْمَعَانِي الَّتِي يُرَادُ تَعْرِيفُهُ بِهَا لَيْسَتْ مِمَّا أَحَسَّهُ وَشَهِدَهُ بِعَيْنِهِ، وَلَا بِحَيْثُ صَارَ لَهُ مَعْقُولٌ كُلِّيٌّ يَتَنَاوَلُهَا حَتَّى يَفْهَمَ بِهِ الْمُرَادَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ، بَلْ هِيَ مِمَّا [لَا] يُدْرِكُهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَوَاسِّهِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ، فَلَا بُدَّ فِي تَعْرِيفِهِ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ وَالتَّمْثِيلِ وَالِاعْتِبَارِ بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْقُولَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي شَاهَدَهَا مِنَ التَّشَابُهِ وَالتَّنَاسُبِ، وَكُلَّمَا كَانَ التَّمْثِيلُ أَقْوَى، كَانَ الْبَيَانُ أَحْسَنَ، وَالْفَهْمُ أَكْمَلَ. فَالرَّسُولُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - لَمَّا بَيَّنَ لَنَا أُمُورًا لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي لُغَتِهِمْ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَيْهَا بِعَيْنِهَا، أَتَى بِأَلْفَاظٍ تُنَاسِبُ مَعَانِيهَا تِلْكَ الْمَعَانِيَ، وَجَعَلَهَا أَسْمَاءَ لَهَا، فَيَكُونُ بَيْنَهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ، كَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْإِيمَانِ، وَالْكُفْرِ، وَكَذَلِكَ لَمَّا خبرنَا بِأُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهَا قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ لَهُمْ أَلْفَاظٌ تَدُلُّ عَلَيْهَا بِعَيْنِهَا، أَخَذَ مِنَ اللُّغَةِ الْأَلْفَاظَ الْمُنَاسِبَةَ لِتِلْكَ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ

(١) سورة الْبَلَدِ الآيتان: ٨ - ٩. (٢) سورة النَّحْلِ آية: ٧٨.

1 / 59