239

Şerhu Akîdetü’t-Tahâviyye

شرح العقيدة الطحاوية

Soruşturmacı

أحمد شاكر

Yayıncı

وزارة الشؤون الإسلامية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٨ هـ

Yayın Yeri

والأوقاف والدعوة والإرشاد

ألف سنة، [قال]: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» (١).
فَهَذَا صَرِيحٌ أَنَّ التَّقْدِيرَ وَقَعَ بَعْدَ خَلْقِ الْعَرْشِ، وَالتَّقْدِيرَ وَقَعَ عِنْدَ أَوَّلِ خَلْقِ الْقَلَمِ، بِحَدِيثِ عُبَادَةَ هَذَا. وَلَا يَخْلُو قَوْلُهُ «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ»، إِلَخْ - إِمَّا أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً أَوْ جُمْلَتَيْنِ. فَإِنْ كَانَ جُمْلَةً، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَانَ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ عِنْدَ أَوَّلِ خَلْقِهِ قَالَ لَهُ: "اكْتُبْ". كَمَا فِي اللَّفْظِ: «أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ» بِنَصْبِ"أَوَّلَ"وَ"الْقَلَمَ". وَإِنْ كَانَ جُمْلَتَيْنِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ بِرَفْعِ"أَوَّلُ"وَ"الْقَلَمُ"، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ، فَيَتَّفِقُ الْحَدِيثَانِ، إِذْ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعَرْشَ سَابِقٌ عَلَى التَّقْدِيرِ، وَالتَّقْدِيرُ مُقَارِنٌ لِخَلْقِ الْقَلَمِ. وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ».
فَهَذَا الْقَلَمُ أَوَّلُ الْأَقْلَامِ وَأَفْضَلُهَا وَأَجَلُّهَا. وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: إِنَّهُ الْقَلَمُ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ (٢).
وَالْقَلَمُ الثَّانِي: قَلَمُ الْوَحْيِ: وَهُوَ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ وَحْيُ اللَّهِ إِلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَلَمِ هُمُ الْحُكَّامُ عَلَى الْعَالَمِ. وَالْأَقْلَامُ كُلُّهَا خَدَمٌ لِأَقْلَامِهِمْ. وَقَدْ رُفِعَ النَّبِيُّ ﷺ لِلَّهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى مُسْتَوًى يَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ، فَهَذِهِ الْأَقْلَامُ هِيَ الَّتِي تَكْتُبُ مَا يُوحِيهِ اللَّهُ ﵎ من الأمور التي يدبرها، أَمْرَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ.
قَوْلُهُ: (فَلَوِ اجْتَمَعَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى شَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ كَائِنٌ، لِيَجْعَلُوهُ غَيْرَ كَائِنٍ - لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. وَلَوِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ، لِيَجْعَلُوهُ كَائِنًا - لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)
ش: تَقَدَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «جَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَيِّنْ لَنَا دِينَنَا كأنا خلقنا

(١) صحيح مسلم ٢/ ٣٠٠ وصححناه من هناك.
(٢) سورة القلم آية ١.

1 / 242