Şerhu Akîdetü’t-Tahâviyye

Ibn Abi al-Izz d. 792 AH
131

Şerhu Akîdetü’t-Tahâviyye

شرح العقيدة الطحاوية

Araştırmacı

أحمد شاكر

Yayıncı

وزارة الشؤون الإسلامية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٨ هـ

Yayın Yeri

والأوقاف والدعوة والإرشاد

إِلَّا مِنْ عَالِمٍ، وَلَا يُعْقَلُ كَلَامٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ مُتَكَلِّمٌ (١). فَلَمَّا اسْتَحَالَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا، عُلِمَ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلَّهِ. هَذَا مُخْتَصَرٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي"الْحَيْدَةِ". وَعُمُومُ كُلٍّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِحَسَبِهِ، وَيُعَرَفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾ (٢)، وَمَسَاكِنُهُمْ شَيْءٌ، وَلَمْ تَدْخُلْ فِي عُمُومِ كُلِّ شَيْءٍ دَمَّرَتْهُ الرِّيحُ؟ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ يَقْبَلُ التَّدْمِيرَ بِالرِّيحِ عَادَةً وَمَا يَسْتَحِقُّ التَّدْمِيرَ. وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ بِلْقِيسَ: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (٣)، الْمُرَادُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُلُوكُ، وَهَذَا الْقَيْدُ يُفْهَمُ مِنْ قَرَائِنِ الْكَلَامِ. إِذْ مُرَادُ الْهُدْهُدِ أَنَّهَا مَلِكَةٌ كَامِلَةٌ فِي أَمْرِ الْمُلْكِ، غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إِلَى مَا يَكْمُلُ بِهِ أَمْرُ مُلْكِهَا، وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ. وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (٤)، أَيْ: كُلِّ شَيْءٍ مَخْلُوقٍ، وَكُلُّ مَوْجُودٍ سِوَى اللَّهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ، فَدَخَلَ فِي هَذَا الْعُمُومِ أَفْعَالُ الْعِبَادِ حَتْمًا، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْعُمُومِ الْخَالِقُ تَعَالَى، وَصِفَاتُهُ لَيْسَتْ غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ ﷾ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَصِفَاتُهُ مُلَازِمَةٌ لِذَاتِهِ الْمُقَدَّسَةِ، لَا يُتَصَوَّرُ انْفِصَالُ صِفَاتِهِ عَنْهُ، كَمَا تَقَدَّمَ الْإِشَارَةُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ قَوْلِهِ: (مَا زَالَ قَدِيمًا بِصِفَاتِهِ قَبْلَ خَلْقِهِ). بَلْ نَفْسُ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِمْ. فَإِذَا كَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ مَخْلُوقًا، لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ (٥)، فَمَا أَفْسَدَهُ مِنِ اسْتِدْلَالٍ! فَإِنَّ (جَعَلَ) إِذَا كَانَ بِمَعْنَى خَلَقَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ.

(١) في المطبوعة «يتكلم»، وصححناه. (٢) سورة الْأَحْقَافِ آية ٢٥. (٣) سورة النَّمْلِ آية ٢٣. (٤) سورة الرَّعْدِ آية ١٦. (٥) سورة الزُّخْرُفِ آية ٣.

1 / 134