============================================================
هذا لو ثبت أن اللام في الجمع للعموم، وإلا عكسنا القضية وقلنا: لا تدركه الأبصار: سالبة غير مسورة، فيكون في قوة الجزئية، فالمعني: لا ثدركه بعض الأبصار. وتخصيص البعض بالنفي يدل بالمفهوم على الاثبات للبعض، فالآية حجة لنا لا علينا.
الثالث: أن الآية وإن عمت في الأشخاص باستغراق اللام فإنها لا تعم في الأزمان، فإنها سالبة مطلقة لا دائمة، ونحن تقول بموجبه حيث لا يرى في الدنيا.
وأما عن الوجه الثاني، وهو قولهم: تمدح بأنه لا يرى، فنقول: هذا مدعايم، فأين الدليل عليه؟ بل لنا الحجة فيه على صحة الرؤية؛ لأنه لو امتنعت لما حصل المدح، وإنما المدح للمتمنع المتعزز(1) بحجاب الكبرياء: ولأن عدم رؤيته في الدنيا كما هو العادة، مع أته أقرب إليهم من حبل الوريد كاف في المدح، فلا ينافي رؤيته في الدار الآخرة.
واستعظامه تعالى الرؤية إنما كان لطلب قوم موسى الرؤية تعنتا وعنادا، أو لطلبهم الرؤية في الدنيا مع عدم تقويهم على ذلك: وقوله تعالى لموسى لا: ان تركنى} [الأعراف: 143] ليس "الن" فيه للتأبيد، بل هو للنفي المؤكد في المستقبل فقط، ولهذا يؤكد ب"أبدا".
ولو سلم أنه للتأبيد، فإنما يكون ذلك في الدنيا، كما في قوله تعالى: (ولن يتمنوه أبدا [البقرة: 95]؛ لأنه يتمنون الموت في الآخرة للتخلص من العقوبة.
اعلم أنه صح في الخبر عن رسول الله ة أنه قال: "إن لله سبعة وسبين حجابا من نور، لو كشف واحد منها أحرقت سبحات وجهه من أدركته"(2)، فرؤية العيان متعذرة في هذه الدار؛ لأنه خجعل الكشف معلقا (1) في الهامش: رفيع الشان.
(2) أخرجه مسلم في الإيمان، باب في قوله تاييل: "إن الله لا يتام"؛ وابن ماجه في
Sayfa 61