345

Mevahib-i Ledünniye üzerine Zerkani Şerhi

شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1417 AH

Yayın Yeri

بيروت

كلما حكى حال أحدهم سجل عليهم بالكفر والشرك، كقوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ﴾ ثم قال: ﴿وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية [المائدة: ١٠٣] .
والقسم الثالث هم أهل الفترة حقيقة، وهم غير معذبين.
وأما أهل القسم الأول: كقس وزيد بن عمرو، فقد قال ﵇ في كل منهما: "إنه يبعث أمة وحده".

كلما حكى حال أحدهم سجل عليهم بالكفر والشرك؛ كقوله تعالى: في مقام الرد والإنكار لما ابتدعوه ﴿مَا جَعَلَ﴾ ما شرع ﴿اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ﴾ [المائدة: ١٠٣]، ثم قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية [المائدة: ١٠٣]، يريد: يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون، أي: يفترون عليه في ذلك ونسبته إليه، ولا يعقلون أن ذلك افتراء؛ لأنهم قلدوا فيه آباءهم.
"والقسم الثالث هم أهل الفترة حقيقة، وهم غير معذبين" اتفاقًا، ومنه: والده ﷺ فنهما لم تبلغهما دعوة لتأخر زمانهما وبعد ما بينهما وبين الأنبياء السابقين، وكونهما في زمن جاهلية عم الجهل فيها شرقًا وغربًا، وفقد فيها من يعرف الشرائع ويبلغ الدعوة على وجهها إلا نفرًا يسيرًا من أحبار أهل الكتاب مفرقين في أقطار الأرض؛ كالشام وغيرها، وما عهد لهما تقلب في الأسفار سوى المدينة، ولا أعطيا عمرًا طويلا يسع الفحص عن المطلوب مع زيادة أن أمه ﷺ مخدرة مصونة محجبة عن الاجتماع بالرجال لا تجد من يخبرها، وإذا كان النساء اليوم مع فشو الإسلام شرقًا وغربًا لا يدرين غالب أحكام الشريعة لعدم مخالطتهن الفقهاء فما ظنك بزمان الجاهلية والفترة الذي رجاله لا يعرفون ذلك فضلا عن نسائه، ولهذا لما بعث ﷺ تعجب أهل مكة، وقالوا: أبعث الله بشرًا رسولا؟ وقالوا: لو شاء ربنا لأنزل ملائكة، فلو كان عندهم علم من بعثة الرسل، ما أنكروا ذلك وربما كانوا يظنون أن إبراهيم ﵇ بعث بما هم عليه، فإنهم لم يجدوا من يبلغهم شريعته على وجهها لدثورها، وفقد من يعرفها إذ كان بينهم وبينه أزيد من ثلاثة آلاف سنة، قاله في مسالك الحنفاء والدرج المنفية ملخصًا، وتقدم له مزيد.
وأما أهل القسم الأول؛ كقس وزيد بن عمرو، فقد قال ﵇ في كل منهما: "إنه يبعث أمة وحده". فأخرج الطيالسي عن سعد بن زيد أنه قال للنبي ﷺ: إن أبي كان كما رأيته وكما بلغك فاستغفر له، قال: "نعم، فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده" وروى اليعمري عن ابن عباس مرفوعًا: "رحم الله قسًا، إني أرجو أن يبعثه الله أمة وحده" وصرح العلماء بأن الرجاء من الله ومن نبيه واقع. وروى الطبراني في كبيره وأوسطه بسند رجاله ثقات عنه ﷺ: "رحم الله قسًا"، قيل: يا رسول الله! تترحم على قس، قال: "نعم، إنه كان على دين أبي إسماعيل بن إبراهيم".

1 / 346