Sharh Bulugh al-Maram - Abdul Karim al-Khudair
شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير
Türler
والجمع بين الآل والصحب أمر لا بد منه، ولا ينبغي الاقتصار على الآل فقط، وإن شاع بين طلاب العلم؛ لأنه صار شعارًا لبعض المبتدعة، كما أنه لا ينبغي الاقتصار على الصحب دون الآل؛ لأنه صار شعارًا لقوم آخرين، فالاقتصار على الآل شعار للروافض الذين يكفرون الصحابة، كما أن الاقتصار على الصحب دون الآل شعار للنواصب.
وأهل السنة وسط بين الفرقتين، فإما أن يقتصروا فيصلوا على النبي ﵊ امتثالًا لأمر ربهم، فإن أضافوا فليضيفوا الفريقين، وإن كان الآل بالمعنى الأعم يدخل فيه الصحب، والصحب بالمعنى الأعم يدخل فيه من هو على الجادة من الآل، على كل حال الجمع بينهما هو المتعين؛ لمخالفة من أمرنا بمخالفتهم من المبتدعة.
"وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيرًا حثيثًا": لم يألوا جهدًا، ولم يقصروا في نصرة الدين.
"سيرًا حثيثًا": سريعًا بلغوه الآفاق وبلغ مشارق الأرض ومغاربها في أقصر مدة متصورة.
"وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم": من التابعين الذين لقوا الصحابة وأخذوا عنهم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
"والعلماء ورثة الأنبياء": وقد جاء هذا اللفظ ضمن حديث رواه أبو داود والترمذي وأحمد، وجاء في ترجمة من تراجم الصحيح في كتاب العلم -وهو حسن- والعلماء ورثة الأنبياء، ومعلوم أن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم، فلنحرص على هذا العلم؛ لأن تركة الأنبياء هي العلم، والعلم المراد به ما نفع، ما نفع وصار زادًا إلى الدار الآخرة، زادًا مبلغًا إلى جنات النعيم، إلى دار الخلود.
"أكرم بهم وارثًا وموروثًا": أكرم بالسلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، "وموروثًا": من علم نافع، مقرون بالعمل الصالح.
"أما بعد": أما حرف شرط، بعد: قائم مقام الشرط، ظرف قائم مقام الشرط، وجواب الشرط ما اقترن بالفاء، فهذا مختصر يشتمل.
وهذه الكلمة (أما بعد) اختلف في أول من قالها على ثمانية أقوال يجمعها النظم في بيتين
جرى الخلف أما بعد من كان بادئًا ... بها عد أقوالًا وداود أقرب
ويعقوب أيوب الصبور وآدم ... وقس وسحبان وكعب ويعرب
ثمانية أقوال، لكن أقرب الأقوال أنه، أنها من قول داود وأنها فصل الخطاب الذي أتيه.
1 / 11