قوله: " والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه " هذا الإجمال لا يسع تفسيره إلا أن منه أن العبد إذا عزم على معاونة أخيه ينبغي أن لا يجبن على إنفاذ قول أو صدع بحق إيمانا بأن الله تعالى في عونه، وفي الحديث فضل التيسير على المعسر وفضل السعي في طلب العلم والمراد العلم الشرعي ويشترط أن يقصد به وجه الله تعالى وإن كان شرطا في كل عبادة. قوله صلى الله عليه وسلم: " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم " هذا دليل على فضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد. " والسكينة " ها هنا قيل المراد بها الرحمة وهو ضعيف لعطف الرحمة عليها وقال بعضهم السكينة الطمأنينة والوقار وهذا أحسن، وفي قوله: " وما اجتمع قوم " هذا نكرة شائعة في جنسها كأنه يقول أي قوم اجتمعوا على ذلك كان لهم ما ذكره من الفضل كله فإنه لم يشترط هنا صلى الله عليه وسلم فيهم أن يكونوا علماء ولا زهادا ولا ذوي مقامات. ومعنى " حفتهم الملائكة " أي حافتهم من قوله عز وجل (حافين من حول العرش) أي محدقين محيطين به مطيفين بجوانبه. فكأن الملائكة قريب منهم قربا حفتهم حتى لم تدع فرجة تتسع لشيطان.
قوله: " وغشيتهم الرحمة " لا يستعمل غشي إلا في شيء شمل المغشي من جميع أجزائه، قال الشيخ شهاب الدين بن فرج والمعنى في هذا فيما أرى أن غشيان الرحمة يكون بحيث يستوعب كل ذنب تقدم إن شاء الله تعالى.
قوله: " وذكرهم الله فيمن عنده " يقتضي أن يكون ذكر الله تعالى لهم في الأنبياء وكرام الملائكة والله أعلم.
فضل الله تعالى ورحمته
37 - " عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال: " إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك: فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة " رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذه الحروف.
فانظر يا أخي وفقنا الله وإياك إلى عظيم لطف الله تعالى وتأمل هذه الألفاظ. وقوله: " عنده " إشارة إلى الاعتناء بها. وقوله: " كاملة " للتأكيد وشدة الاعتناء بها. وقال: في السيئة التي هم بها ثم تركها: كتبها الله عنده حسنة كاملة، فأكدها بكاملة. وإن عملها كتبها سيئة واحدة، فأكد تقليلها بواحدة ولم يؤكدها بكاملة، فلله الحمد والمنة سبحانه لا نحصي ثناء عليه. وبالله التوفيق " .
......................................................
Sayfa 32