وقوله " التارك لدينه المفارق للجماعة " عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام. قال العلماء ويتناول أيضا كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما والله أعلم.
والظاهر أن هذا عام يخص منه الصائل ونحوه، فيباح قتله في دفع أذاه، وقد يجاب عن هذا: بأنه داخل في المفارق للجماعة، ويكون المراد لا يحل تعمد قتله قصدا إلا في هؤلاء الثلاثة والله أعلم.
وقد استدل بعضهم على أن تارك الصلاة يقتل لتركها لأن تاركها يسمى من هذه الثلاثة وفي هذه المسألة خلاف بين العلماء منهم من يكفر تارك الصلاة ومنهم من لا يكفره واستدل بعض من يكفره بالحديث الآخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة " قال فوجه الدليل أنه وقف العصمة على مجموع الشهادتين، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والمرتب على أشياء لا يحصل إلا بمجموعها وينتفي بانتفائها وهذا إن قصد به الاستدلال بالمنطوق وهو قوله: " أمرت أن أقاتل الناس ... " إلخ فإنه يقتضي الأمر بالقتال إلى هذه الغاية فقد ذهل وسها لأنه فرق بين المقاتلة على الشيء والقتل عليه فإن المقاتل مفاعلة يقتضي الحصول من الجانبين، ولا يلزم من وجوب المقاتلة على الصلاة وجوب القتل عليها إذا تركها من غير أن يقاتلنا والله أعلم.
وقوله: " الثيب الزاني " هو المحصن ويدخل فيه الذكر والأنثى وهو حجة على ما اتفق عليه المسلمون من أن حكم الزاني الرجم بشروطه المذكورة في أبواب الفقه.
وقوله: " النفس بالنفس " موافق لقوله تعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) ويعني به النفوس المتكافئة في الإسلام والحرية بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقتل مسلم بكافر " وكذلك الحرية شرط من المكافأة عند مالك، والشافعي، وأحمد. وذهب أصحاب الرأي إلى أن المسلم يقتل بالذمي وأن الحر يقتل بالعبد وقد يستدلون بهذا الحديث، والجمهور على خلاف ذلك.
آداب إسلامية
15 - " عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " رواه البخاري ومسلم " .
......................................................
قوله: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر " يعني من كان يؤمن الإيمان الكامل المنجي من عذاب الله الموصل إلى رضوان الله " فليقل خيرا أو ليصمت " لأن من آمن بالله حق إيمانه خاف وعيده ورجا ثوابه واجتهد في فعل ما أمر به وترك ما نهي عنه وأهم ما عليه من ذلك ضبط جوارحه التي هي رعاياه وهو المسؤول عنها كما قال تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) ، وقال تعالى: ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) وآفات اللسان كثيرة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " . وقال: " كل كلام ابن آدم عليه إلا ذكر الله تعالى وأمر بمعروف ونهي عن منكر " . فمن علم ذلك وآمن به حق إيمانه اتقى الله في لسانه فلا يتكلم إلا بخير أو ليسكت.
قال بعض العلماء جماع آداب الخير يتفرع من أربعة أحاديث ذكر منها قوله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " . قال أهل اللغة: يقال صمت يصمت بضم الميم صمتا وصموتا وصماتا.
وقال بعضهم في معنى هذا الحديث إذا أراد الإنسان أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيرا محققا يثاب عليه فليتكلم وإلا فليمسك عن الكلام سواء ظهر أنه حرام أو مكروه أو مباح فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورا بتركه مندوبا إلى الإمساك عنه مخافة أن ينجر إلى المحرم أو المكروه وقد يقع ذلك كثيرا قال الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) .
Sayfa 17