21

Sharh al-Tadmuriyyah - Nasser al-Aql

شرح التدمرية - ناصر العقل

Türler

التفصيل في نفي المشابهة عن الله ﷿ دون المماثلة كما قد يقول قائل أيضًا: إن الله ﷿ قد نفى المماثلة ولم ينف التشبيه، وعليه فيجوز أن يشبه الخالق بالمخلوق، فما رأيكم؟ و الجواب نعم، لم يرد نفي المشابهة في القرآن، وإنما ورد نفي المماثلة فقال الله ﷿: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:١١]، وقال: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:٣ - ٤]، فنفى المماثلة ونفى الكفؤ، وبقيت مسألة التشبيه، فلم يرد نفي التشبيه في الكتاب ولا في السنة، ولذلك قال السلف: مسألة التشبيه من الألفاظ المجملة التي ضلت بها كثير من الفرق، فالمشبهة وقعوا في التشبيه بدعوى أن الله ﷿ لم ينف التشبيه، لكنه نفى المماثلة، فقالوا: يجوز أن نشبه صفات الخالق بصفات المخلوق تشبيهًا مطلقًا، وهؤلاء كفروا، وصنف آخر: بالغوا في نفي التشبيه، وأدخلوا فيه ما ليس منه، وجعلوا إثبات الصفات من التشبيه، زعمًا منهم أنه لا يمكن أن نثبت الأسماء والصفات إلا ونقع في المشابهة، ومن هنا نفوا الأسماء والصفات، وهؤلاء ضلوا عن الحق. إذًا: من نفى التشبيه بقصد نفي المماثلة مطلقًا فهذا هو الحق، ومن نفى المشابهة بقصد المشابهة اللفظية فنقول: لا؛ لأن هذه لابد أن نأخذها على قواعد الشرع، فمثلًا: لو قال: أنا أنفي أن يكون الله سميعًا بصيرًا؛ لأن السمع والبصر من صفات المخلوقين، وهذه مشابهة، فأنا أنفي السمع والبصر؛ لأنها توقع في المشابهة، فنقول: لا؛ لأن المشابهة الحقيقية غير واردة، فالله ﷿ له من الصفات ما يليق بجلاله، مثل: السمع والبصر، بينما سمع وبصر المخلوقات يليق بضعفها ونقصها، ووجود التشابه اللفظي بين صفات الله وصفات المخلوقين ليس تمثيلًا وليس تشبيهًا من جميع الوجوه، وإنما هو تشابه لفظي، وعلى هذا لابد من التفصيل: فالتشابه اللفظي واقع، لكن لا يدل على تشابه في الكيفية؛ لأن التشابه في الكيفية ممنوع. والخلاصة: إن قصد بنفي التشبيه نفي المماثلة فنعم؛ لأن الله ليس كمثله شيء، وإن قصد نفي المشابهة فهذا فيه تفصيل، فالمشابهة اللفظية واردة، ولا دخل لها في حقائق الأمور ولا في الكيفيات، أما المشابهة الكيفية فهي غير واردة.

2 / 4