شرح القويسني على السلم المنورق للأخضري
شرح القويسني على السلم المنورق للأخضري
Türler
- - -
صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ مَادَامَ الحِجَا ... يَخُوضُ مِنْ بَحْرِ المَعَانِي لُجَجَا
وَآلِهِ وَصَحْبِهِ ذَوِي الهُدَى ... مَنْ شُبِّهُوا بِأَنْجُمٍ في الِاهْتِدَا
(صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ) من الصلاة المأمور بها وهي الدعاء لأن الجملة الإنشائية، وهي من الله رحمة، أي نطلب منك يا الله وندعوك أن تنزل صلاة أي رحمة على النبي ﷺ لائقة بجنابه (مَادَامَ الحِجَا) أي: مدة دوام الحجا، أي: العقل (يَخُوضُ) أي: يقطع (مِنْ بَحْرِ المَعَانِي) أي: من المعاني التي هي كالبحر في الكثرة والاتساع (لُجَجَا) جمع لجة وهو: الماء العظيم المضطرب، فشبه المسائل الصعبة باللجج بجامع عسر الخوض في كل، واستعار اللجج للمسائل الصعبة على طريق الاستعارة المصرحة، وحاصل المعنى: أطلب منك يا ألله أن تصلى على النبي ﷺ مدة دوام العقل يخوض، أي: يقطع مسائل صعبة من المعاني الكثيرة الشبيهة بالبحر، وفي الإتيان بمِن للتبعيض إشارةٌ إلى أنه لا يحتوي على جميع المعاني إلا الله تعالى المحيط علمه بجميع الأشياء (وَآلِهِ) بالجر عطفًا على الضمير في عليه بدون إعادة الخافض وهو جائزٌ عند المحققين كابن مالك وإن أوجب الجمهور إعادة الجار، وآل النبي ﷺ هم مؤمنو بني هاشم والمطلب في مقام الزكاة عند الشافعي، والأنسب بمقام الدعاء حمله على أتباعه المؤمنين ليعم كل الأمة، وفي مقام المدح على الأتقياء منهم. (وَصَحْبِهِ) اسم جمعٍ لصاحب بمعنى الصحابي، وهو من اجتمع مؤمنًا بنبينا ﷺ بعد البعثة ولا يصح كونه جمعًا لأن فَعْلًا لا يكون جمعًا لِفَاعِل (ذَوِي) نعت صحبه، أي: أصحاب (الهُدَى) أي الهداية للخلق، وهي الدلالة على طريقٍ توصل للمقصود سواء حصل الوصول إليه أم لا (مَنْ) أي الذين (شُبِّهُوا بِأَنْجُمٍ) جمع نجم وهو الكوكب غير الشمس والقمر (في الاهْتِدَا) بهم، والْمُشَبِّهُ لهم هو الله أولًا، والنبي ﷺ ثانيًا، وقد جاء في بعض الأخبار القدسية ... «أن النبي ﷺ سأل الرب عما يختلف فيه أصحابه فقال: «يا محمد أصحابك عندي كالنجوم في السماء بعضها أضوأ من بعضٍ، فمن أخذ بشيءٍ مما اختلفوا فيه فهو على هُدًى مني» بفتح الهاء وسكون الدال، وقال ﷺ: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، وهذا التشبيه للتقريب على المعقول بما ألفوه وإلا فالاهتداء بالصحب أشرف من الاهتداء بالنجوم؛ لأن الاهتداء بهم ينجي من الهلاك الأخروي والخلود في النار، بل ومن الدنيوي بخلاف النجوم.
ــ - الشرح - ــ
[(صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ) من الصلاة المأمور بها وهي الدعاء لأن الجملة إنشائية]، والجملة الإنشائية هي التي تكون في المستقبل، يعني: الذي لم يقع مدلولها بعد، [وهي من الله رحمة، أي: نطلب منك يا الله وندعوك أن تنزل صلاةً، أي: رحمة على النبي ﷺ لائقة بجنابه] ﵊، إذًا فسر الصلاة هنا بالرحمة على ما اشتهر على ألسنة أهل اللغة والشراح، ومر معنا شيءٌ من ذلك.
1 / 25