168

Sharh al-Jami' al-Sahih

شرح الجامع الصحيح

وقوله: «فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل»، يحتمل أنه من كلام النبيء صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه من كلام أبي هريرة، تأول عليه معنى الحديث، كما تأوله في فعله، حيث غسل يديه حتى كاد يبلغ المنكبين، وهذا الاحتمال هو الظاهر من حال أبي هريرة، حيث فهم من معنى الحديث ما لم يقل به أحد، فغسل إلى قريب من المنكبين ولم ينقل ذلك عن النبيء صلى الله عليه وسلم، ولا استعمله الصحابة ولا التابعون ولا قالت به الفقهاء، بل المستحب عند الفقهاء غسل جزء من الرأس مع الوجه وغسل بعض العضدين مع اليدين وغسل بعض الساقين مع الرجلين، وذكر بعض الناس أن حد ذلك نصف العضد ونصف الساق، وليس في الحديث تحديد ولا تقييد وربما تكره الغرة إذا زادت عن موضعها، والمقصود من الحديث الثناء عليهم بالغرة والتحجيل، فإن صح أن قوله:«فمن استطاع منكم ..الخ»، من كلام النبيء صلى الله عليه وسلم، فمعناه ما جاء في حديث أنس أول الباب في ذكر الخصال التي يمحو الله بها الخطايا ويرفع بها الدرجات، وذكر منها اسباغ الوضوء على المكاره، فالإسباغ في حديث أنس هو معنى إطالة الغرة في حديث أبي هريرة وأما قوله: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء فلا يدل على فعل أبي هريرة، بل غاية ما فيه الإخبار عن محل الحلية في المؤمن وأن محلها هو محل الوضوء لا غير، فهي تبلغ حيث يبلغ الوضوء المأمور به وقد علمنا مبلغه من قوله تعالى { وأيديكم إلى المرافق}[المائدة:6] والله أعلم.

Sayfa 183