Sharh al-Jami' al-Sahih
شرح الجامع الصحيح
Türler
قوله: «حتى تؤمن بالقدر خيره و شره»: أي حتى تصدق أن ذلك كله من الله تعالى، و أنه ليس للعبد فيه إلا الكسب، فبالكسب يثاب عليه و يعاقب، {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}[البقرة286]، و قال رجل لجعفر بن محمد: العباد مجبرون؟ فقال: إن الله تعالى هو أعدل من أن يجبر خلقه على المعاصي، ثم يعاقبهم عليها، قال: فمفوض إليهم؟ قال: هو أعز من أن يكون لأحد في ملكه سلطان، قال: و كيف هو؟ قال: أمر بين أمرين، لا جبر و لا تفويض. و سئل بن عباس عن القدر فقال: "الناس فيه على ثلاث منازل: من جعل للعبد في الأمر مشيئة، فقد ضاد الله في أمره، و من أضاف إلى الله الأشياء مما <1/125> ينزه الله عنه، فقد افترى على الله عظيما، و رجل قال: إن رحمت فبفضل الله، فذلك الذي يسلم له دينه و دنياه، و لم يظلم الله في خلقه و لم يجهله في حكمه"، و ذكر أن وفد نجران قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم: يكتب الله علينا الذنب ثم يعذبنا؟ فقال صلى الله عليه و سلم: أنتم خصماء الله. و عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال: "سيكون لهذه الأمة قوم يعملون بالمعاصي، ثم يقولون هي من الله قضاء و قدر، فإذا لقيتموهم فأعلموهم أني بريء منهم"، فإن قيل: أليس يعذب الله على القدر؟ فالجواب: إنما يعذب على المقدور، و الفرق بينهما أن القدر فعل الله، و المقدور هو فعل العبد، و قال تعالى: { وكان أمر الله قدرا مقدورا }[الأحزاب:38]، و هي مسألة أبي عبيدة مع واصل بن عطاء، و كذا القول في القضاء، فإنه تعالى لا يعذب الناس على القضاء، و إنما يعذبهم على المقضي، فالأول فعل الله و هو إمضاؤه الشيء و حكمه به حكما جازما، و الثاني فعل العبد أي كسبه لما قضاه الله في الأزل.
Sayfa 146