Sharh al-Hamawiyyah by Ibn Taymiyyah - Al-Rajhi
شرح الحموية لابن تيمية - الراجحي
Türler
الصحابة والسلف أعلم الناس بعد رسول الله بمعاني الصفات والمعاد وسائر معاني القرآن
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ونفهم من الكلام ما قصد إفهامنا إياه كما قال تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد:٢٤]، وقال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ﴾ [المؤمنون:٦٨]، فأمر بتدبر القرآن كله لا بتدبر بعضه.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرءوننا القرآن: عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا.
وقال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس ﵄ من فاتحته إلى خاتمته، أقف عند كل آية أسأله عنها.
وقال الشعبي: ما ابتدع أحد بدعة إلا وفى كتاب الله بيانها، وقال مسروق: ما قال أصحاب محمد ﷺ عن شيء إلا وعلمه في القرآن، ولكن علمنا قصر عنه، وهذا باب واسع قد بسط في موضعه].
فالإنسان يفهم القرآن ويفهم ما خوطب به، وهذا لا بد منه، أما الحقائق والكنه لما أخبر الله به في الآخرة وللصفات فلا يعلمه إلا الله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والمقصود هنا: التنبيه على أصول المقالات الفاسدة التي أوجبت الضلال في باب العلم والإيمان بما جاء به الرسول ﷺ، وأن من جعل الرسول ﷺ غير عالم بمعاني القرآن الذي أنزل إليه، ولا جبريل جعله غير عالم بالسمعيات، لم يجعل القرآن هدى ولا بيانًا للناس].
إذ أن هذا لازم قولهم، فإنه إذا قال عن الرسول: إنه لا يعلم المعنى، وقال عن جبريل: إنه لا يعلم المعنى، فكيف يكون القرآن هدى وبيانًا للناس! وهذا من أبطل الباطل، فهؤلاء الملاحدة الذين يقولون: إن جبريل لا يعلم معاني القرآن ولا محمد، يريدون أن يجعلوا القرآن في معزل عن الهداية والبيان.
4 / 5