Sharh al-Arba'in al-Nawawiyyah - Abdul Karim al-Khudair
شرح الأربعين النووية - عبد الكريم الخضير
Türler
"وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله" مقام العبودية، ومقام الرسالة في أشرف المواضع يدعى بالعبد ﵊، ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ [(١٩) سورة الجن] ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [(١) سورة الإسراء] ورسوله ﵊، "وحبيبه وخليله" "وخليله أفضل المخلوقين" بلا نزاع فهو أفضل الرسل فضلًا عن غيرهم، وجاء عنه ﵊ «لا تفضلوا بين الأنبياء ولا تفضلوني على يونس بن متا» فمنع التفضيل ﵊ وهذا محمول على حالة واحدة وهي: إذا ما اقتضى المقام تنقص المفضل عليه، إذا اقتضى المقام تنقص المفضول، يقال: لا تفضلوا الأنبياء، وإلا فالتفضيل بين الأنبياء في منطوق الكتاب العزيز ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [(٢٥٣) سورة البقرة] والمنع من تفضيل الأنبياء «لا تفضلوا بين الأنبياء» معروف أنه حينما يقتضى هذا التفضيل التنقص للمفضول كما هو ظاهر في قوله: «لا تفضلوني على يونس بن متا»؛ لأن ما حصل من يونس ﵇ قد يتطاول عليه بعض السفهاء الذي لا يعرف منازل الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، الذي يقرأ عنه قد يقع في نفسه شيء من التنقص، لكن الله -جل وعلا- أنجاه ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [(١٤٣ - ١٤٤) سورة الصافات] ﴿لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [(٨٧) سورة الأنبياء] دعوة أخي ذو النون، وليست خاصة به بل له ولغيره ممن يقولها في هذه المضايق ﴿وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [(٨٨) سورة الأنبياء] ليست خاصة بيونس، على كل حال إذا اقتضى التفضيل تنقص المفضول منع وحسمت مادته «لا تفضلوا بين الأنبياء»، وإلا فالأصل أن التفضيل واقع وثابت في منطوق القرآن.
"أفضل المخلوقين المكرم بالقرآن العزيز"، هذا القرآن شرف لمحمد ﵊ ولأمته ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [(٤٤) سورة الزخرف] يعني شرف لك ولقومك فهو مكرم مفضل على غيره.
1 / 11